يبدو أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عقد العزم على الدخول في العملية السياسية مجدداً بعدما دعا أتباعه إلى تحديث سجل الناخبين، في خطوة وصفت بأنها استعداد للعملية الانتخابية المقرر إجراؤها هذا العام بعد انسحابه من العملية السياسية منتصف عام 2022 احتجاجاً على ما وصفه بـ”الفساد”، رغم أنه حصد غالبية مقاعد البرلمان العراقي.

ورغم أن الصدر لم يعلنها صراحة بالدخول في الانتخابات النيابية القادمة، فإن المؤشرات تدل إلى ذلك فتحديث سجل الانتخابات، وبحسب مراقبين للشأن السياسي، بمثابة دعوة إلى أتباعه للاستعداد للانتخابات والتحضير للمرحلة المقبلة.

ودخول الصدر الحياة السياسية مجدداً يعني إحداث تغيير للخريطة السياسية المستأثر بها “الإطار التنسيقي” وحلفاؤه من السنة والأكراد، وقد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل “الإطار التنسيقي” الشيعي لا سيما أن هذا الإطار يضم قوى مختلفة عدة في ما بينها أيديولوجياً، وتجمعها الحصص الوزارية رغم الانتماء للمكون الشيعي.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الصدر قد يجمع التحالف القديم الذي أنشأه بعد فوزه بالانتخابات، ويضم كلاً من محمد الحلبوسي رئيس تحالف “تقدم” أحد القيادات السنية الذي تم إنهاء عضويته كنائب ورئيس للبرلمان من قبل المحكمة الاتحادية في الـ14 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و”الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود برزاني. وأجمع متابعو الشأن السياسي أن خطوة الصدر خطة استباقية تسبق العملية الانتخابية ليكون مناصروه على أتم الاستعداد وأنها مفاجأة لمنافسيه.

استفزاز لمنافسي الصدر

في السياق عد المتخصص في مجال العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن طلب الصدر تحديث البيانات استفزاز لمنافسيه الذين توقعوا عدم مشاركته، في وقت رجح أن يحرز الصدر غالبية كبيرة من الأصوات. وأضاف الفيلي، “دعوة الصدر هدفها استفزاز منافسيه الذين توقع كثر منهم أنه لن يشارك في المرحلة المقبلة، وهذه تعد خطوة تحفيزية كمقدمة للمشاركة السياسية”، مبيناً أن هدف الدعوة ضبط قواعده الجماهيرية وتهيئة هذه القواعد للانتخابات. ورجح الفيلي أن تستجيب الجماهير الصدرية لدعوة الصدر “إذ إن هؤلاء يختلفون عن جماهير جميع القوى السياسية بإيمانهم بمشروع محمد صادق الصدر، ويؤمنون بالطاعة العمياء، ويعدون ما يقوله مقتدى الصدر من وجهة نظرهم، تكليفاً شرعياً يجب إطاعته سواء كان القرار المشاركة من عدمها”، لافتاً إلى أنه حتى انسحابه يرون فيه أنه تكليف يجب اتباعه.

فريق الصدر السياسي

وبحسب الفيلي، فإن الصدر “يمتلك فريقاً سياسياً من الطراز الأول متواصلاً مع الجماهير، وأنا أتحدث عن قيادات التيار الصدري سواء الخط الأول والخط الثاني، ومن ثَم فهؤلاء يسهمون في تحفيز الشارع الصدري من خلال التفاعل مع الجماهير”، ورأى أن الصدر سيحصد نسبة عالية “ويتقدم على كثير من القوى السياسية الشيعية الأخرى مما يفتح الباب أمام تحالفات سياسية مع قوى أخرى من خارج الإطار الشيعي وداخل الإطار التنسيقي”، وخلص الفيلي قائلاً إن “وجود محمد شياع السوداني سيقصي كثيراً من القوى السياسية التقليدية، لأننا تعودنا أن رئيس الوزراء تكون له حظوظ متقدمة في أي معركة انتخابية”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحالف بقيادة الصدر

بدوره رأى مدير “مركز العراق للدراسات الاستراتيجية” غازي فيصل أن دعوة الصدر هي “للاستعداد للانتقال للعملية السياسية، وتمهيد لتشكيل تحالف تحت قيادة التيار الصدري”، وقال فيصل “دعوة الصدر لطيف واسع من الشباب في الحركة الصدرية لتجديد البيانات الانتخابية مؤشر واضح إلى الاستعداد للانتقال نحو العودة للعملية السياسية والحياة السياسية تمهيداً لتشكيل تحالف تحت قيادة التيار الصدري، وعبر التنسيق مع تيار سني وكردي كما حدث في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتمهيد لهذه الإجراءات للعودة للمشهد السياسي العراقي”.

تحدي “الإطار التنسيقي”

ورجح مدير “مركز العراق للدراسات الاستراتيجية” أن تشهد الخطوات الأولى في العودة للعملية السياسية “تحدياً كبيراً لأحزاب الإطار التنسيقي في حال المواجهة مع التيار الصدري سواء المواجهة ذات الطابع السياسي باعتبار أن معظم هذه الأحزاب قريبة من المشروع الإيراني، بينما التيار الصدري تيار عراقي يؤمن بسيادة واستقلال العراق، ومبدأ لا شرقية ولا غربية على صعيد الجوار الإقليمي في ما يخص إيران وغيرها من الدول، وعلى صعيد العلاقات الدولية أيضاً، بمعنى الحياد وضمان واستقرار العراق من دون التدخل في الشؤون السيادية”. وبين فيصل أن الصدر يؤمن بسحب السلاح المنفلت وتصفية الفصائل المسلحة والالتزام بإبقاء القوات المسلحة العراقية والجيش العراقي والأجهزة الأمنية “لتكون هي المؤسسة الوحيدة التي تضمن الأمن العراقي وعدم ازدواجية الفصائل المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني”، ولفت إلى أن منهج الصدر “وطني عراقي لإيجاد تحالف لإلغاء المحاصصة الطائفية والصندوق الاقتصادي الذي يمول الأحزاب، والذي يشكل عاملاً للاستحواذ على المال العام من قبل الأحزاب، وبناء دولة مدنية وليست دولة الغالبية الشيعية”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية