تواصل الولايات المتحدة تصعيد العقوبات التي تستهدف سلسلة إمدادات النفط الإيرانية مستمرة في حملة “الضغط الأقصى” التي بدأتها إدارة ترمب بهدف فرض حصار فعلي على صادرات النفط الإيرانية، وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية.
وقالت وزارتا الخارجية والخزانة في بيانين أمس الإثنين إن 22 شخصاً و13 سفينة كانوا مستهدفين في أحدث العقوبات التي تستهدف شبكة مرتبطة بشحن عشرات الملايين من براميل النفط الخام، وإن الكيانات الخاضعة للعقوبات تقع في إيران وهونغ كونغ والهند والصين.
وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن “الولايات المتحدة ستستخدم جميع الأدوات المتاحة لديها لاستهداف جميع جوانب سلسلة إمدادات النفط الإيرانية وأي شخص يتعامل مع النفط الإيراني يعرض نفسه لخطر عقوبات كبيرة”.
ولم يرد ممثل البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب للتعليق أمس الإثنين من صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب مذكرة أمن قومي أعاد فيها إحياء حملة وصفها بـ”الضغط الأقصى” على إيران. وخلال ولايته الأولى استهدف ترمب إيران بحملة تحمل الاسم نفسه، لكن مسؤولين سابقين يقولون إن موقفه من طهران ازداد تشدداً بعد مزاعم عن مخطط إيراني لاغتياله.
وتهدف النسخة الأخيرة من هذه السياسة إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وفقاً للمذكرة. وأشار ترمب صراحة إلى صادرات إيران النفطية إلى الصين، مشدداً على ضرورة وقفها بالكامل.
وتعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، لكن على عكس الولايات المتحدة التي تعد أكبر منتج منفرد للنفط عالمياً، تستورد الصين معظم حاجاتها النفطية، وكانت من بين المشترين الرئيسين للنفط الإيراني، وفقاً لتقرير نشره المجلس الأطلسي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر ردت إيران على حملة “الضغط الأقصى” في رسالة إلى ممثل الصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصفت فيها السياسة بأنها “إكراهية” وتنتهك القانون الدولي.
ومع تصعيد الولايات المتحدة ضغوط العقوبات على القوى النفطية الكبرى، بما في ذلك روسيا وفنزويلا وإيران، تمكنت الصين من الحصول على النفط بأسعار مخفضة بصورة كبيرة عبر التحايل على الإجراءات الأميركية ضد هذا الثلاثي، الذي يطلق عليه وصف “محور التهرب”.
155 سفينة في أسطول الظل
وظهرت “أساطيل الظل” من السفن كوسيلة لنقل النفط على رغم تشديد القيود على شحن المنتجات الخاضعة للعقوبات، وفي حال إيران قالت واشنطن إن هذه السفن تستخدم أساليب تمويه مثل عمليات النقل من سفينة إلى أخرى في مناطق نائية نسبياً لإخفاء مصدر النفط.
وارتفعت مستويات عروض النفط الخام الإيراني لمصافي التكرير المستقلة في الصين خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وفقاً لما نقلته مصادر في قطاع التكرير والتجارة لـ”أس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس”.
وفي أواخر نوفمبر 2024 أبرمت صفقات خام إيران الخفيف بخصومات تراوح ما بين 2 و2.5 دولار للبرميل مقارنة بعقود خام “برنت” الآجلة على أساس التسليم إلى شاندونغ، وهي خصومات أضيق مقارنة بنطاق 2.5 إلى 3 دولارات للبرميل للصفقات التي تمت قبل ذلك، بحسب المصادر التجارية.
أما شحنات خام إيران الثقيل فبيعت بخصومات أضعف في نطاق 4.8 إلى 5.3 دولار للبرميل مقابل المؤشر نفسه مقارنة بخصومات تراوحت ما بين 5.5 و6 دولارات للبرميل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت البيانات الأولية الشهرية لـ “أس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس” أن نحو 4.5 مليون طن من النفط الإيراني فرغت في الصين لمصافي التكرير المستقلة حتى الـ25 من نوفمبر 2024.
ووفقاً لبيانات “أس أند بي غلوبال” تمتلك إيران 155 سفينة ضمن أسطولها الظلي بحمولة تبلغ 35.7 مليون طن، بما في ذلك أكثر من 90 ناقلة نفط عملاقة (VLCC) تنشط غالباً في الخليج العربي ومياه شرق آسيا، وأحياناً في خليج غينيا.
نمو الصادرات الإيرانية على رغم العقوبات
وعلى رغم تشديد العقوبات الغربية بلغت صادرات النفط الإيرانية 587 مليون برميل عام 2024، مسجلة زيادة ملحوظة بنسبة 10.75 في المئة مقارنة بالعام السابق، مع تصدر الصين قائمة المشترين، وفقاً لمنظمة “متحدون ضد إيران نووية” (UANI)، وهي منظمة غير ربحية تراقب تحركات النفط الإيراني.
ويسلط هذا الارتفاع الضوء على تنامي قدرة طهران على التحايل على القيود الدولية لمواصلة تصدير النفط بطرق غير مشروعة.
وأصبحت الصين اللاعب الرئيس في تجارة النفط الإيرانية، إذ استحوذت وارداتها على 91 في المئة من إجمال صادرات إيران النفطية عام 2024. وبلغت مشتريات الصين 533 مليون برميل، ما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 24 في المئة مقارنة بعام 2023، مدفوعة بصورة أساس بالطلب من مصافي الإبريق (يطلق هذا المصطلح على مصافٍ صغيرة تتعامل مع 90 في المئة من إجمال صادرات النفط الإيراني منذ أن توقف المصافي الصينية المملوكة للدولة عن التعامل مع إيران بصورة رسمية) في مقاطعة شاندونغ.
وشهد عام 2024 تحولاً كبيراً، إذ أصبحت إيران تعتمد بصورة متزايدة على أسطول الشركة الوطنية الإيرانية لناقلات النفط (NITC) للتحميل المباشر، في حين انتقلت السفن ذات الأعلام الأجنبية إلى عمليات النقل من سفينة إلى سفينة (STS) في المياه الدولية. وجاء هذا التعديل الاستراتيجي استجابة لتشديد تنفيذ العقوبات التي تستهدف السفن ذات الأعلام الأجنبية المشاركة في نقل النفط الإيراني.
وأسفرت جهود المراقبة عن تحديد 132 سفينة جديدة متورطة في تهريب النفط الإيراني عام 2024، ليصل إجمال عدد ناقلات “أسطول الأشباح” التي جرى تتبعها إلى 477، وفقاً لما ذكرته منظمة “أميركيون متحدون ضد إيران النووية” وأسفرت هذه التحقيقات عن سحب 330 علماً من السفن، وأسهمت في فرض عقوبات من قبل الحكومة الأميركية على 139 سفينة العام الماضي.
وذكرت “أميركيون متحدون ضد إيران النووية”، “في عام 2025 يجب أن تركز الجهود على استهداف الدول التي تمنح السفن التسجيل والشركات التي تقف وراءها، والتي تواصل تقديم التسجيل للسفن التي تشارك في نقل النفط الإيراني الخاضع للعقوبات. وسيكون التركيز المكثف على هذه القضية أمراً حاسماً لسد الثغرات التي تسمح لأسطول الأشباح الإيراني بالعمل من دون عواقب”.
نقلاً عن : اندبندنت عربية