كشف وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أن بلاده أقرت “قيوداً على حركة ودخول الأراضي الوطنية تطال بعض الشخصيات الجزائرية”.
وأوضح بارو، أمس الثلاثاء، أنها “إجراءات يمكن الرجوع عنها وستنتهي بمجرد استئناف التعاون الذي ندعو إليه”، وذلك عشية اجتماع وزاري حول مراقبة الهجرة على خلفية أزمة دبلوماسية كبيرة مع الجزائر.
ولم يحدد بارو في تصريحاته لشبكة “بي أف أم تي في”، متى فرضت هذه القيود أو عدد الشخصيات التي تشملها.

انقسام عميق

وأشار إلى أن هذه الإجراءات اتخذت من أجل “تعزيز أو الدفاع عن مصالح الفرنسيين”، متحدثاً عن قضايا عالقة مثل احتجاز الكاتب بوعلام صنصال المسجون في الجزائر أو “استعادة الجزائريين الموجودين في وضع غير نظامي”.
لكنه أكد استعداد باريس “لاتخاذ المزيد” منها في حال “لم يستأنف” التعاون الفرنسي الجزائري في هذا المجال. وحذر “لكنني سأفعل ذلك عن دراية، ومن دون الإعلان عنه بالضرورة”.
وتأتي تصريحات بارو في وقت يشهد الموقف الحكومي في شأن الجزائر انقساماً عميقاً بين مؤيدي “ميزان القوى”، مثل وزير الداخلية برونو ريتايو، ومؤيدي الدبلوماسية مثل وزير الخارجية.

هجوم بسكين

ووُجهت، السبت الماضي، إلى جزائري يبلغ 37 سنة يعيش بفرنسا في وضع غير نظامي، تهمة قتل شخص بسكين وإصابة سبعة آخرين بجروح خطرة، في مدينة مولوز (شرق فرنسا).
كانت باريس قد طلبت مراراً من الجزائر استعادته لكن طلبها كان يقابل في كل مرة بالرفض.
وعد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو هذا الرفض أمراً “غير مقبول”. وتوعد منذ ذلك الحين بإجراءات انتقامية تشمل خصوصاً التأشيرات.

لم يضرب عن الطعام

في سياق متصل نفى نقيب المحامين في الجزائر محمد بغدادي أن يكون الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، المسجون منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 في الجزائر، قد بدأ إضراباً عن الطعام أو أوقف علاجه، خلافاً لادعاء محاميه في باريس، مشيراً إلى أنه ألغى توكيلات جميع وكلاء الدفاع عنه.
وقال البغدادي لصحيفة “الوطن” الجزائرية الصادرة بالفرنسية في عددها، أمس الثلاثاء، “على عكس ما كتب، فهو ليس مضرباً عن الطعام، وهذا أمر جيد بالنسبة إليه لأنه كان سيضر بصحته”.
وكان محامي الكاتب، فرنسوا زيمراي لفت إلى أن صنصال بدأ إضراباً عن الطعام “بسبب الضغوط التي مورست عليه لتغيير محاميه”، وهي معلومات نفاها البغدادي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يريد الدفاع عن نفسه

وأوضح نقيب المحامين أن “صنصال وجه رسالة إلى قاضي التحقيق، هدفها سحب التوكيل عن جميع محاميه، بمن فيهم زيمراي”، مشيراً إلى أن “صنصال كتب أنه يريد الدفاع عن نفسه بمفرده”.
إلى ذلك أكد بغدادي أن بوعلام صنصال “لم يتوقف عن علاجه الطبي”، نافياً تصريحات المحامي الفرنسي.
وقال نقيب المحامين، “بحسب البروفيسور المعين للإشراف على رعايته وإدارته الطبية، الذي تحدثت معه، فإن البروتوكول المتبع لعلاج سرطانه بدأ يعطي نتائج جيدة”.
وأبدى بغدادي “الانزعاج” من قرار الكاتب في شأن محاميه، مضيفاً “ما يفاجئني هو أن زيمراي يواصل القول إنه لا يزال محاميه، بينما هناك رسمياً رسالة إلغاء توكيل يعود تاريخها إلى أسبوع”. وأضاف “ليس بوسعنا أن نفعل شيئاً حيال ذلك. ولكن يجب أن يكون لديه في الأقل زميل أو أكثر للدفاع عنه”.
ورداً على سؤال لوكالة “الصحافة الفرنسية”، رفض المحامي زيمراي التعليق على المسألة.

تهمة الإرهاب

وكان قبض على بوعلام صنصال في مطار الجزائر في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ويلاحق بوعلام صنصال قضائياً بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري التي تنص على أنه “يعد فعلاً إرهابياً أو تخريبياً، في مفهوم هذا الأمر، كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية استقبلت باستياء تصريحاته لصحيفة “فرونتيير” الفرنسية المعروفة بقربها من أقصى اليمين، التي كرر فيها الموقف المغربي القائل، إن قسماً من أراضي المغرب اقتطع في ظل الاستعمار الفرنسي وضم للجزائر.
وأثار توقيفه احتجاجات مثقفين وكتاب عدوا أن محاكمته لا أساس لها.
وأكد بوعلام صنصال أنه ولد عام 1949، مما يعني أنه يبلغ حالياً 75 سنة. وكان ناشره أنطوان غاليمار قد أشار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أن الكاتب ولد عام 1944، مما يعني أنه يبلغ 80 سنة.

نقلاً عن : اندبندنت عربية