يبدو أن مسالة السيطرة على الحدود الشرقية من العراق باتت إحدى أهم المشكلات التي تواجه الحكومة العراقية، لا سيما أنها أخذت بعداً خارجياً ومطالبات واسعة بالسيطرة على الحدود، وإلا سيُواجه العراق عواقب وخيمة.

وباتت مسألة الاتهامات لطهران باستخدام حدود العراق لتهريب النفط الإيراني كجزء من الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على إيران وتهريب الدولار إلى طهران أحد أهم المحاور التي حذر منها مسؤولون أميركيون العراق للسيطرة عليها، وإلا سيواجه عقوبات أميركية.

وتبلغ الحدود العراقية – الإيرانية 1458 كيلومتراً ممتدة من الخليج العربي إلى المثلث الحدودي العراقي – الإيراني – التركي، وتضم تضاريس مختلفة بين وديان وجبال وسهول، وتشكل تلك الحدود ملاذاً خصباً للمهربين، سواء لبضائع مشروعة تهرباً من الضرائب أو غير مشروعة.

وحرص العراق خلال السنوات الماضية على تأمين حدوده من مختلف الجهات واستطاع تأمين حدوده مع سوريا للحد من عبور المسلحين والسلاح من خلال نصب منظومة كاميرات متطورة وسياجات كونكريتية وسواتر ترابية، وأيضاً نصب أبراج مراقبة على الحدود التي تبلغ 600 كيلومتر، مما حد من عبور المسلحين والتجارة غير المشروعة.

وبحسب متابعين للشأن الأمني والسياسي فإن العراق كان جاداً في تقليل تدفق الدولار عبر إيران من خلال تجفيف المنابع، إلا أنه قد يواجه عقوبات محتملة إذا لم يسيطر على حدوده بالكامل.

صعوبة السيطرة على الحدود

واستبعد المتخصص في مجال العلوم السياسية في “الجامعة المستنصرية” عصام الفيلي أن تكون الحكومة العراقية قادرة على ضبط الحدود العراقية – الإيرانية، لا سيما في ما يتعلق بعمليات تهريب النفط الإيراني. وأضاف الفيلي، “لا تستطيع الحكومة العراقية ضبط الحدود العراقية مع إيران لامتداد الحدود لمسافة كبيرة تقترب من 1450 كيلومتراً، والعراق يعد الرئة الاقتصادية لإيران، والسوق الأولى لتصريف منتجاتها”، مشيراً إلى أن إيران ستستخدم كل الأساليب للالتفاف على العقوبات.

العقوبات الأميركية

وحذر الفيلي من لجوء الولايات المتحدة الأميركية لمعالجة الأمر، “وإذا وجدت أن الطبقة السياسية العراقية غير قادرة على استيعاب الدرس، أن تذهب باتجاه تحريك الشارع العراقي من خلال فرض العقوبات على العراق، أو تفعيل بعض القرارات لتغيير ملامح العملية السياسية بالعراق”. وأوضح الفيلي أن “المشكلة لا تكمن في الحدود العراقية – الإيرانية فحسب، وإنما بطبيعة المعاملات المالية التي تجري في العراق، فهناك كثير من المصارف والمؤسسات المالية في العراق، وإن كانت غير رسمية، ترتبط خارج الحدود، وواجهاتها عراقية، حيث إن رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني) يشكو من التحويلات المالية، ففي هذه اللحظة وصلت بعض التحويلات المالية، حتى بوجود المنصة، بـ300 مليون دولار في يوم واحد، مما يبين حجم الأزمة التي يعيشها العراق في هذه المرحلة”.

 

تهريب النفط

تمتلك إيران أدوات لتهريب النفط من خلال خلط النفط العراقي بالنفط الإيراني من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية على إيران، بحسب الفيلي الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة تتابع أساطيل الظل في المياه التي لا تخضع للمياه الإقليمية الإيرانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التضاريس معقدة

بدوره بين مدير “المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية” معتز محيي عبدالحميد أن طبيعة التضاريس بين العراق وإيران وحجم الحدود صعبت عملية ضبط الحدود مع إيران. وأضاف، “الولايات المتحدة أكدت قضية تصفير النفط الإيراني المتعلق بتصديره بناقلات نفط تسجل باسم العراق، أو تهرب من طريق الإقليم بواسطة السيارات الحوضية، وهناك منافذ كثيرة لإيران لتهرب النفط خلالها”.

وأكد عبدالحميد صعوبة ضبط الحدود مع إيران “كوننا مختلفين معها بترسيم الحدود في كثير من النقاط الحدودية، وكذلك وعورة المنطقة التي بعضها مناطق جبلية لا يتمكن العراق من ضبطها، ومن الصعب وضع سياجات كونكريتية، وهي حدود واسعة تختلف عن الحدود السورية، فضلاً عن اختلاف التضاريس في مناطق الحدود العراقية – الإيرانية”. ولفت إلى أن الحدود العراقية – الإيرانية “أصبحت مباحة، وهناك كثير من الخروق تحدث، لا سيما في مناطق ديالى وطوز خورماتو، وأن الأميركيين يضغطون لضبط الحدود، لا سيما في قضية بيع النفط الإيراني الذي يهرب عبر العراق، والولايات المتحدة تضغط في اتجاهات عدة منها مسألة الاستثمارات الأميركية في العراق”.

السيطرة على حدود سوريا

وخلص عبدالحميد إلى أن الحدود العراقية مع سوريا تم ضبطها من طريق الكاميرات الحرارية، وكذلك السياجات الكونكريتية والخنادق، “لذلك باتت المشكلة الرئيسة في حدودنا مع إيران”.

نقلاً عن : اندبندنت عربية