جعل الرئيس اللبناني جوزاف عون من السعودية محطته الخارجية الأولى في خطوة تعكس أهمية المملكة في المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني ولتأكيد الحرص على إعادة ترميم العلاقات الثنائية بين البلدين.
وجاءت الزيارة في وقت شهدت العلاقات اللبنانية – السعودية خلال الأعوام الأخيرة توتراً متزايداً، وحملت ملفات حساسة على طاولة النقاش في مقدمتها عودة السياح السعوديين للبنان، وهي مسألة يترقبها اللبنانيون لما لها من أهمية في دعم الاقتصاد والقطاع السياحي، إلى جانب استئناف الصادرات اللبنانية إلى المملكة بعد سنوات من القيود التي فرضتها الرياض لأسباب أمنية مرتبطة بتهريب المخدرات عبر المنتجات اللبنانية.
وفي سياق الزيارة صدر بيان مشترك بعد ساعات من اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس اللبناني جوزاف عون في الرياض واتفق الجانبان “على البدء بدراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من الجمهورية اللبنانية إلى السعودية والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر إلى الجمهورية اللبنانية”.
الشعب اللبناني
وبالحديث عن لبنان أكد رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل أن بلاده دعمت الإجراءات التي اتخذها البرلمان اللبناني في انتخاب الرئيس، مضيفاً “أعتقد بأن الشعب اللبناني سئم من أن يكون الضحية إذا صح التعبير لصراعات الفصائل الطائفية أو السياسية، سواء كان ذلك من قبل ’حزب الله‘ أو أي أطراف لبنانية أخرى خلال مسار التطورات المستقبلية”.
وقال الفيصل في حديث إلى “عرب نيوز” أخيراً إن الشعب اللبناني سيكون الضامن لهذا التوجه الجديد، معرباً عن “أمله في أن يساعد الدعم الذي يتلقاه لبنان، ليس فقط من السعودية، بل أيضاً من المجتمع الدولي، هذه الحكومة على أن تصبح أكثر فاعلية في تلبية حاجات المواطن”.
عودة السعوديين للبنان
وعن العلاقات الاقتصادية والسياحية كشف الأمير تركي الفيصل عن استعداد السعوديين للعودة للبنان، سواء على مستوى السياحة أو الاستثمار، وقال “أسمع من السعوديين هنا أنهم مستعدون ومتحمسون للغاية إذا جاز التعبير للعودة للبنان. أولئك الذين لم يستثمروا بعد، أعتقد بأنهم يفكرون أيضاً في الفرص المتاحة هناك”، في إشارة إلى تفاؤل واسع بإمكان انتعاش العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأشاد الفيصل بقدرات الشعب اللبناني ومكانة بلادهم في وجدان العالم العربي، قائلاً “الشعب اللبناني موهوب للغاية ولبنان كثيراً ما كان مركزاً تجارياً حيوياً للعالم العربي”.
واستعاد في حديثه كلمات الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، قائلاً “أتذكر أن والدي الراحل الملك فيصل كان يقول في تلك الأيام إن لبنان هو رئة العالم العربي. آمل في أن يعود لهذا الدور”.
السياحة في لبنان
وفي سياق متصل قال السفير السعودي السابق لدى لبنان علي عواض عسيري في حديثه إلى “اندبندنت عربية” إن لبنان يحظى بمكانة خاصة لدى السعوديين، قيادةً وشعباً، مشدداً على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين التي تمتد لعقود منذ زيارة الرئيس اللبناني كميل شمعون إلى الملك عبدالعزيز عام 1952 برفقة وفد رفيع المستوى.
وأشار عسيري إلى أن العلاقات بين القيادتين والشعبين تتجدد باستمرار، موضحاً أن لبنان يتميز بتنوعه الثقافي وخدماته السياحية الراقية ورحابة صدر شعبه المضياف، فضلاً عن قربه الجغرافي من المملكة وأجوائه المعتدلة، مما يجعله وجهة مفضلة للسعوديين عبر الأعوام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يخص عودة السياح السعوديين للبنان أكد أن القيادة السعودية تضع سلامة مواطنيها على رأس أولوياتها، سواء في لبنان أو في أي دولة أخرى، وأوضح أن زيارة الرئيس اللبناني ولقائه ولي العهد السعودي يمثلان خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات بين البلدين و”فتح صفحة جديدة بعد فترة من الفتور”.
وأضاف أن البيان المشترك الصادر عقب زيارة الرئيس اللبناني إلى الرياض أشار إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر إلى لبنان من دون تحديد موعد لذلك، لافتاً إلى أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية الجديدة لضبط الأمن في مطار بيروت وتأمين الحدود البرية والبحرية تعد تطوراً إيجابياً يبشر بمرحلة أكثر استقراراً في العلاقات الثنائية.
الإنفاق السعودي في لبنان
وكثيراً ما كان الإنفاق السعودي في لبنان ركيزة رئيسة لدعم اقتصاده، إذ أظهرت تقارير اقتصادية لبنانية أن السعوديين شكلوا نسبة كبيرة بين السياح، فبلغ عددهم بين 300 ألف و500 ألف زائر سنوياً قبل فرض الحظر عام 2021 وساهموا في ضخ ما يقارب مليار إلى 1.5 مليار دولار في الاقتصاد اللبناني.
وتنوع إنفاق السعوديين بين الإقامة في الفنادق الفاخرة والتسوق في المراكز التجارية الراقية مثل أسواق بيروت والمولات الكبرى، حيث يقبلون على شراء السلع الفاخرة والماركات العالمية. وإلى جانب ذلك أسهمت الأنشطة الترفيهية في جذبهم من زيارة المقاهي والمطاعم الراقية، إلى قضاء أوقات ممتعة في المنتجعات الشتوية والصيفية وحضور المهرجانات.
نقلاً عن : اندبندنت عربية