تدمير الأصول بمشروعات فاشلة تسكنها الكلاب الضالة والأشباح
المعالم التراثية بالمنصورة تحولت إلى خرابات حكومية
رغم كم الأصول الهائل ذات الطبيعة والقيمة التراثية والتاريخية التى استأثرت بها مدينة المنصورة دون غيرها من مدن الدلتا، فإن العديد من هذه المعالم والأصول اغتالها الفشل الحكومى وتحولت إلى خرابات بفعل فاعل وبأيدى محافظين ومسئولين عن ثالث محافظة كانت تسمى عروس النيل.
ما يحدث من إصرار على تنفيذ أفكار ومشروعات دون دراسات فنية واقتصادية، شوه وأضاع قيمة بعض هذه الأصول الاستراتيجية على الدولة، وتارة أخرى بإسقاط أصول كانت معلماً مصرياً تراثياً على المستوى الدولى من حساباتهم، وثالثة بالهدم والإزالة حتى سطح الأرض وتحويلها من مزار إلى خرسانات خربة ومرتعاً للكلاب والقمامه باسم «التطوير»
أما الحكومة فهى ودن من طين وأخرى من عجين، لا أحد يسأل ويحاسب المسئول عن هذا الخراب ولاعزاء لمعالم وأصول دولة ومليارات أهدرت مع سبق الإصرار والترصد.
الحديقة التاريخية باتت خرابة
من خرابات مدينة المنصورة التى تؤكد وتشهد على الفشل الذريع ترسانة المحلات المسماة «بمول المشاية».
أقيم المشروع الذى ضم 70 محلاً تجارياً بملايين طائلة على أنقاض حديقة شجر الدر التاريخية منذ أكثر من عامين باستقطاع مساحة 750 متراً بطول واجهة الحديقة التاريخية وتحويلها إلى إنشاءات خرسانية ضمت ترسانة محلات بارتفاع طابقين وجراج متواضع نفذ بطريقة بدائية للغاية ليجاور ملاهى مؤجرة من قبل المحافظة أكثر بدائية لتصبح واجهة الحديقة المطلة على كورنيش وممش النيل محلات وجراج وملاهى من خلفها مساحة شاسعة مقام بها أكشاك على كل لون ومجرى نهر النيل.
كما قامت المحافظة بطرح مشروعها العبقرى الذى أقيم دون دراسة للايجار عقب الانتهاء منه ولم يتقدم غير عدد محدود لا يتعدى أصابع اليد سرعان ما هجروا محالهم بعد أشهر ليصبح (مول المشاية) منذ إنشائه وإلى الآن خرابات تجسد مهازل إهدار وتشويه الأصول وفشل المسئولين على مرأى ومسمع من يطلق عليهم نواب البرلمان والحكومة.
الغريب أن فكرة المشروع كان قد واجهت موجة غضب عارمة من المواطنين قبل الشروع فى الإنشاء ودعوى قضائية أقامها بعض قاطنى المنطقة ضد محافظ الدقهلية السابق أيمن مختار فى محاولة لوقف المهزلة قبل تنفيذها، ورغم الرفض الشعبى ووصف المتخصصين المشروع بالفضيحة وجريمة فى حق المال العام والشعب وتحذيرات جريدة الوفد التى فجرت القضية أن ذاك ونوهت إلى أن إنشاء محال تجارية على أنقاض حديقة شجر الدر التاريخية البالغ مساحتها 14 فداناً على نهر النيل وإهدار قيمتها التى تقدر بأكثر من (10) مليارات يعد إهداراً لأصول الدول الثابتة وضرباً بالأهداف التى وضعها «صندوق الدولة السيادى» وتسعى إليها الدولة من تعظيم وإضافة قيمة للأصول الثابتة الدولة فى غيبة الرقابة ووزارة الرى الواقع فى سيادتها بعض هذه الأصول والجهاز القومى للتنسيق الحضارى الذى نظم أسس التعامل بالفراغات والمساحات الخضراء.
علاوة على تشويه موقع استراتيجى على «نيل المنصورة» والكورنيش وتنوه جريدة الوفد إلى عدم الجدوى الاقتصادية للمشروع ومصيره الذى ينتظره ويئول للخراب الذى سبق وحل بمحلات أقامتها المحافظة على بعد أمتار منه على النيل لم يلتفت محافظ الدقهلية أيمن مختار إلى الاعتراضات والتحذيرات وأصر على إقامة فكرته رغم أنف الجميع ووقع المحظور بدلاً من قيامه بدراسة وتنفيذ رؤية دراسات وتصميمات كانت قد وضعت فى عهد المحافظ الأسبق اللواء سمير سلام تتضمن إنشاء مدينة «ملاهى دولية» تتناسب مع مدينة المنصورة و«جراج متعدد» الطوابق (تحت الأرض) يكون واجهته شارع المشاية لاستيعاب الكم الهائل من السيارات بشارعى المشاية والجمهورية لحل مشكلة التكدس وتحويل المشاية إلى ممشى حقيقى شريطة عدم تجاوز مساحة المشروع الخدمى والترفهيى (ثلث) مساحة الحديقة لتعظيم قيمة الأصول وتحويلها إلى مشروع ترفيهى حضارى يدر أرباحاً طائلة للمحافظة دون أن تتحمل الدولة أية أعباء إدارة وإنفاق أموال.
مهازل أصول الدولة
من فضائح ومهازل أصول الدول بعروس النيل التى تحولت هى الأخرى إلى خرابات «قصر الشناوى» الذى عرف «ببيت الأمة» بناه محمد بك الشناوى عضو مجلس الأمة.
عام 1928 على مساحة أكثر من 3 آلاف متر على الطراز الإيطالى وحصل القصر الذى شيده نخبة متميزة مهندسين إيطاليين على شهادة أفضل فن معمارى خارج أوروبا وترجع أهمية القصر التراثية إلى كونه «تحفة معمارية» وما شهده من أحداث تاريخية وسياسية واستضافته لكبار الشخصيات التاريخية والسياسية والفنية وهو ما دعا هيئة الآثار إلى رصده أثرًا تاريخيًا عام 99 والقيام بشراء القصر عام 2005 من ورثته بـ17 مليون جنيه فى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى والدكتور زاهى حواس لتحويله إلى متحف قومى لمحافظة الدقهلية التى تفتقر إلى الآن إلى وجود متحفًا يضم آثارها التى تكتشف وتشون بمخازن الدلتا واستقبل المواطنون والمهتمون بالدقهلية الذين يدركون قيمة القصر القرار بترحاب وتأييد شديد وبالفعل أنهت الدولة إجراءات شراء القصر ورصدت الوزارة مبلغ 20 مليون جنيه لترميم وتأهيل القصر استناداً للقانون «117» لسنة 83 الذى يقض بقيام الدولة بالحفاظ وصيانة العقارات ذات القيمة التاريخية والعلمية وبالفعل، كما تم وضع لافتة الهيئة العامة للآثار على بوابته وسوره الحديدى النادر تصميمه ووقفت عقبة التمويل حائلاً دون التنفيذ وتعرض القصر إلى مهازل وإهمال على مدار سنوات بعد عام 2011 وتم تدمير وإزالة حديقة وأشجار القصر النادرة وسوره الفريد باسم تطوير وتأهيل القصر واستحوذت قضية إهمال القصر وتحويله إلى جراج على اهتمامات الرأى العام والمهتمين وبعد صراخات ونداءات آخر ورثة محمد بك الشناوى بانقاذ القصر الذى تحول إلى مقر لموظفى الآثار زار وزير السياحة والآثار السابق الدكتور خالد عنان القصر عام 20016 وتم الانتهاء من أعمال ترميم الطابق الثانى ثم توقف العمل وتجدد طرح قضية القصر التراثى المهمل برلمانياً وإعلامياً عام 2018، وتحركت الوزارة وأعلنت إنهاء الأعمال فى عام 2019 وهو ما لم يتم إلى الآن ولا يزال قصر محمد بك الشناوى تحفة الفن المعمارى الأوروبى وما آل إليه من باسم التطوير والتأهيل ينعى أصحابه وفى انتظار إنقاد قيمته التاريخية والتراثية المهملة والملايين التى أنفقتها الدولة على شرائه منذ ما يقرب من 20 عاماً.
مزار سابقًا.. مقالب قمامة حاليًا
أما فضيحة إهدار أصول الدولة التى تحولت إلى خرابة ثالثة حديقة الحيوان التى تبرع بها الخواجة توريل عام 1948 بالحى الذى حمل اسمه ويعد أرقى أحياء مدينة المنصورة فقد وصل الفكر التخربيى الفاشل المغلف باسم التطوير وتعظيم
موارد الدولة فى عهد المحافظ الأسبق كمال شاروبيم، حيث هداه فكره هو الآخر إلى تطوير الحديقة التاريخية التى كانت إلى وقت قريب مزاراً لأبناء مراكز الدقهلية قبل تهجير ما بها من حيوانات واغتيال وهدم أشجارها حتى سطح الأرض وتحويلها إلى كتل خرسانية لإقامة 45 محال ورغم إعلان المحافظ الانتهاء منها وافتتاحها قبل رحيله عام 2019 رحل المحافظ وخلفه المحافظ السابق ايمن مختار الذى استكمل مصيرة الخراب وأفاق بعد 5 سنوات بإعلانه عن تطوير الحديقة واستغلال المبانى المقامة التى لم تتعد هياكل من الطوب «محلات ومطاعم» ليؤول مصيرها هو الأخرى إلى ما آل اليه مول المشاية وظل المشروع وما حمله من فكر فاشل وخرابات ومقلب للقمامة ومأوى للنباشين والحيوانات دون ان يلتفت مسئول إلى استغاثات أهالى المنطقة محلك سر إلى الآن شاهداً على فكر المسئولين وحالهم ومهددًا بالضياع على المحافظة لمخالفتها شرط التبرع واستغلالها حديقة حيوان ما يعد إهداراً لقيمة جديدة لأصول الدولة؟
نقلاً عن : الوفد