يعقد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية منذ أسابيع اجتماعات مكثفة ومختلفة مع فئات وشرائح متنوعة من السكان والفاعلين والناشطين في شمال وشرق سوريا، فإلى جانب مهامه كقائد عسكري، يناقش مظلوم عبدي أحياناً برفقة قادة من التحالف الدولي عدة ملفات داخلية وأخرى سورية تتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية والخدمية والاجتماعية وفقاً لما يرشح ويعلن عن تلك الاجتماعات واللقاءات.
وسبقت عقد بعض هذه الاجتماعات بدء مسار الحوار الوطني السوري وإجراء اللقاءات التشاورية التي أجرتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر مع مندوبين من محافظات مختلفة منها محافظتي الحسكة والرقة، واللتين عقدتا في العاصمة مع شخصيات أثير الجدل حول تمثيلها للمنطقة. لكن لقاءات عبدي تكثفت بعد فشل حضور الأكراد وممثلين عن شمال وشرق سوريا، لا سيما السياسيين منهم، في المشاركة في الحوار الوطني وفق مسار سياسي تطالب به القوى السياسية في الإدارة الذاتية والكردية العاملة خارجها، بما فيها الأحزاب وناشطون ومهتمون بالشأن العام.
أخيراً، عقد القائد العام لـ”قسد” وبمشاركة قيادة قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب اجتماعاً، الجمعة الماضية، في مدينة الرقة مع وفد ضم شيوخ ووجهاء مدينتي الطبقة والرقة، حيث شارك في الاجتماع أيضاً عدد من القيادات العسكرية لهذه القوات والقيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا. وبحسب المركز الإعلامي لهذه القوات، فإن الاجتماع ناقش التطورات الحاصلة في سوريا بشكل عام وشمال وشرق سوريا بشكل خاص.
وشدد القائد العام على أنه لا يمكن حل الأزمة السورية إلا بالحوار السوري – السوري، مشيراً إلى أنهم اتفقوا مع دمشق على استبعاد الحل العسكري لحل القضايا العالقة، وأنه سيتم تشكيل وفد من أهالي المنطقة، وبكل مكوناتها، للحوار مع دمشق حول مستقبل المنطقة والدولة السورية.
ونوه عبدي إلى أنهم أبدوا استعدادهم مع دمشق لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية مع هيكلية الدولة السورية، “لكن وفق مبدأ التوافق وبعد بدء الحوار بينهم وبين دمشق”.
وشدد القائد العام على أنه لا يمكن حل الأزمة السورية إلا بالحوار السوري-السوري، مشيراً إلى أنهم اتفقوا مع دمشق على استبعاد الحل العسكري في حل القضايا العالقة، وأنه سيتم تشكيل وفد من أهالي المنطقة، وبكل مكوناتها، للحوار مع دمشق حول مستقبل المنطقة والدولة السورية. ونوه عبدي إلى أنهم أبدوا استعدادهم مع دمشق لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في هيكلية الدولة السورية، “لكن وفق مبدأ التوافق وبعد بدء الحوار بينهم وبين دمشق”.
وعود بالإصلاح
وحول الأوضاع في مناطق شمال وشرق سوريا، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية إنه سيتم إطلاق حزمة إصلاحات إدارية واقتصادية في القريب العاجل، تصب في مصلحة أهالي المنطقة، نافياً وجود أي أفراد من فلول النظام السابق في مناطق شمال وشرق سوريا. كما وعد المجتمعين بالعمل على إصدار عفو عن سجناء الحق العام بمناسبة حلول شهر رمضان. وفي الاجتماع نفسه، أكد قائد قوات التحالف الدولي دعمهم للحلول السلمية وضرورة حل المشاكل والقضايا بين جميع الأطراف السورية عن طريق الحوار، ودعمهم للأمن والاستقرار في المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحضير للتفاوض
وفي الحسكة، وخلال الفترة الماضية، تحول مقر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية إلى مكان لعقد لقاءات ماراتونية مع القوى والجهات الفاعلة، بما فيها قانونيون وحقوقيون. وكشف أحد المشاركين في تلك الاجتماعات، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ”اندبندنت عربية” أن بعض تلك الاجتماعات تناول تحضيرات لإجراء الحوار مع دمشق، بما في ذلك النواحي القانونية والدستورية التي قد تفضي إليها الحوارات المؤجلة “بفعل الضغط التركي” على القيادة في دمشق، والتي تعيق التواصل والانفتاح بين الرئيس السوري أحمد الشرع وعبدي، وفق ما ذكر الأخير للمجتمعين.
ترتيب البيت الكردي
ولعل أبرز الملفات التي تشغل الشأن العام في مناطق الإدارة الذاتية هو استعداد القوى السياسية الكردية وحل الخلافات التي دخلت مرحلة جديدة في الحوارات بعد سقوط الأسد، حيث تتشابك فيها أدوار كل من الزعيم الكردي مسعود البارزاني و”نداء السلام والمجتمع الديمقراطي” لمؤسس حزب العمال الكردستاني السجين لدى تركيا عبد الله أوجلان. وعلى إثر زيارة عبدي إلى أربيل ولقائه بالبارزاني، انتعشت الآمال في الشارع الكردي بتشكيل وفد كردي مشترك مؤلف من أحزاب الوحدة الوطنية المشاركة في الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي وآخرين خارج الإطارين، إضافة إلى مشاركين من مكونات غير كردية للتباحث مع السلطات في العاصمة.
واجتمع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية غير مرة مع هذه الأحزاب، خصوصاً عقب لقائه مع البارزاني في يناير (كانون الثاني) الماضي، الأمر الذي يشي بثقل الاتفاق الكردي كأساس لأي حوارات أو مفاوضات مع دمشق، خصوصاً وأن الملفات باتت تثقل شيئاً فشيئاً مع انسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف الوطني السوري المعارض وهيئة التفاوض بعد سنوات من المشاركة فيهما، حيث أعلن المجلس ذلك رسمياً في السابع من فبراير (شباط) الماضي معللاً خطوته بـ”انتفاء دور الائتلاف وهيئة التفاوض في هذه المرحلة”، مؤكداً في الوقت ذاته على “ضرورة تطوير العمل السياسي وفق رؤية جديدة تتناسب مع المتغيرات الحاصلة، بالتنسيق والعمل مع كافة القوى الوطنية حول مستقبل سوريا، وضمان حقوق شعبنا الكردي دستورياً وجميع مكونات الشعب السوري”.
هذه الخطوة دفعت بالمجلس الوطني الكردي إلى مزيد من التراص مع بقية الأطراف الكردية مقابل السلطة الجديدة في سوريا، خصوصاً وأن المجلس انتقد بشدة تشكيل اللجنة التحضيرية وعقد المؤتمر بسبب إقصاء الكرد منهما. واعتبر عقد المؤتمر بهذه العجلة والإعلان عنه قبل يوم واحد، وتهميش المكونات السياسية والقومية بما فيها المجلس الوطني الكردي في الإعداد والتحضير، “انتهاكاً لمبدأ وحق الشراكة الوطنية للشعب الكردي” التي ينبغي أن تكون حجر الأساس لأي حوار جاد يسعى لتحقيق توافق وطني حقيقي وفق تعبير المجلس.
وفي ظل المتغيرات السريعة والحادة، تتنبه القوى المدنية والمجتمعية لتفادي خطورة الإقصاء الجاري من وجهة نظرها من قبل السلطات الجديدة في دمشق. وفي مسار مرافق للقاءات والاجتماعات المكثفة التي تجريها قوات سوريا الديمقراطية، عقدت منتديات وورش عمل ولقاءات بينية وكان آخرها المنتدى السوري للحوار الوطني بعنوان “نحو سوريا حرة تعددية ديمقراطية”، الذي أقامه مركز روجآفا للدراسات الاستراتيجية في مدينة الرقة في 27 فبراير الماضي، وحضره العشرات من الشخصيات والساسة الذين توافد بعضهم من الداخل السوري.
وتناول المنتدى “أزمات النظام الشمولي المركزي في سوريا والقضايا التي أفرزتها”، بينما تركز المحور الثاني منه حول “سوريا الجديدة.. الملامح والحلول”. وخرج المنتدى بجملة من التوصيات تؤكد في مجملها على ضرورة المشاركة وعدم إقصاء المكونات، والتحول نحو الديمقراطية والمؤسسات المدنية لإدارة شؤون البلاد بعيداً عن التدخلات والوصاية الخارجية، مع التأكيد على استعادة سوريا لسيادتها على كامل أراضيها، وكذلك التأكيد على دور المرأة ومنظمات المجتمع المدني في بناء المرحلة الجديدة.
نقلاً عن : اندبندنت عربية