يترقب المجتمع الدولي لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الإثنين قبل محادثات بين مسؤولين من أوكرانيا والولايات المتحدة في شأن إنهاء الحرب مع روسيا خلال مرحلة بالغة الخطورة بالنسبة إلى كييف، في خطوة تعول عليها الأطراف المختلفة أن تصلح ما أفسدته المُلاسنة الحادة بين رئيسي البلدين في البيت الأبيض.
وعلَّق الرئيس الأوكراني على المحادثات المرتقبة مع الأميركيين في جدة بأن “هناك مقترحات واقعية مطروحة، والمهم هنا هو التحرك بسرعة وفاعلية”.
ولدى اتصال “اندبندنت عربية” بالسفارة الأوكرانية لدى الرياض رفض المسؤولون فيها التعليق حول ما إذا ما كان الشرخ اتسع بين واشنطن وكيف سيعوق جهود إنهاء الحرب أم يسرعها، وفق ما يعتقد الروس.
لكن المحلل السياسي علي الجديع، رجح أن نجاح السعوديين في التقريب بين القوتين الكبيرتين روسيا وأميركا “أكد أنها وسيط ناجح، وصانع توازنات”، مشيراً في قراءته للمشهد وهو الأكاديمي في جامعة الملك سعود إلى أن بلاده حسمت مسارها “فبين من يتصارعون على الهيمنة، ومن يتراجعون تحت الضغط، اختار الأمير محمد بن سلمان أن يكون في موقع القوة، لا التبعية، بصنع سياسة مستقلة تجعلها محل ثقة مختلف الأطراف، سواء في أزمات الطاقة، أو الحروب، أو إعادة رسم النظام العالمي الجديد”، حسب قوله. ويعتبر أن العلاقة التي طورها ولي العهد مع ترمب تمكنه من تضييق دائرة الخلاف بين الطرفين، إذا ما توفرت النيات الصادقة من جانب أقطاب الصراع.
وتبدلت سياسة الولايات المتحدة المتعلقة بالحرب الروسية – الأوكرانية في إطار سعيها إلى إنهاء الصراع سريعاً، وتحولت واشنطن من حليف لكييف إلى الانتظام في محادثات مباشرة مع موسكو وقطع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا ووقف تبادل معلومات الاستخبارات معها.
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي مع ولي عهد السعودية التي اضطلعت بأدوار وساطة متعددة منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 شملت التوسط في تبادل أسرى واستضافة محادثات بين موسكو وواشنطن الشهر الماضي.
وكانت الحكومة السعودية أعلنت في وقت سابق أن المحادثات ستكون في جدة الساحلية غرب البلاد في حين قالت وكالة الأنباء الرسمية (واس) أمس إن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز “وصل بحفظ الله إلى جدة قادماً من الرياض”، فيما يعتقد أنه تمهيد لنشاط الحكومة السنوي الذي ينتقل ثقله إلى العاصمة الروحية للبلاد مكة المكرمة أواخر شهر رمضان.
ومن المتوقع أن تركز المحادثات بين أوكرانيا والولايات المتحدة غداً الثلاثاء على اتفاق المعادن بين البلدين وسبل إنهاء الحرب، وذلك في أول اجتماع رسمي منذ لقاء في البيت الأبيض شهد مناوشات كلامية بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتحت ضغط هائل من ترمب الذي يريد إنهاء الحرب بسرعة يبذل زيلينسكي جهداً هائلاً لإظهار التوافق على رغم عدم حصوله على ضمانات أمنية أميركية تعدها كييف أساسية لأي اتفاق سلام.
كيف يرى زيلينسكي الفرصة؟
وقال زيلينسكي إنه لن يحضر المحادثات مع المسؤولين الأميركيين وإن الوفد الأوكراني سيضم رئيس مكتبه ووزيري الخارجية والدفاع ومسؤولاً عسكرياً كبيراً من مؤسسة الرئاسة. وأضاف في منشور على منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي، “نحن ملتزمون تماماً الحوار البناء ونأمل في مناقشة القرارات والخطوات اللازمة والاتفاق عليها”.
وذكر مسؤولون أميركيون أنهم يعتزمون استغلال الاجتماع مع الجانب الأوكراني بقدر ما لمعرفة هل كييف مستعدة لتقديم تنازلات ملموسة لروسيا لإنهاء الحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال أحد المسؤولين عن المحادثات الوشيكة، “لا يمكن للمرء أن يقول أريد السلام بينما (في الوقت نفسه يقول) أرفض تقديم أي تنازل”.
وقال مسؤول أميركي ثانٍ، “نريد أن نرى ما إذا كان الأوكرانيون مهتمين ليس فقط بالسلام، بل بالسلام الواقعي”.
وقال ترمب أمس الأحد إنه يتوقع نتائج جيدة من المحادثات المقبلة، مضيفاً أن الولايات المتحدة أنهت “تقريباً” تعليق تبادل معلومات الاستخبارات مع كييف.
إطار عمل محدد
قال المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف الذي يعمل على الترتيب للمحادثات إن الفكرة هي “التوصل إلى إطار عمل لاتفاق سلام، فضلاً عن وقف مبدئي لإطلاق النار”.
ويدعو زيلينسكي إلى هدنة للعمليات الجوية والبحرية إلى جانب تبادل للأسرى، فيما يقول إنه قد يكون اختباراً لمدى التزام روسيا إنهاء الحرب.
وترفض موسكو فكرة الهدنة الموقتة التي تقترحها أيضاً بريطانيا وفرنسا، إذ تقول إنها محاولة لكسب وقت لكييف ومنع انهيارها العسكري.
ويقول الرئيس الأوكراني أيضاً إن كييف مستعدة لتوقيع اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة، والذي يتضمن إنشاء صندوق مشترك من عائدات بيع المعادن الأوكرانية، وهو أمر تقول واشنطن إنه ضروري لضمان استمرار الدعم الأميركي.
وفي ظل تزايد الشكوك حول الدعم الأميركي يطالب زيلينسكي الحلفاء في أوروبا بزيادة الدعم في وقت تتراجع فيه كييف في ساحة المعركة وتواجه ضغوطاً متزايدة للانسحاب من منطقة كورسك الروسية.
روسيا لن تحضر
وتظهر خرائط مفتوحة المصدر أن القوات الأوكرانية التي اجتاحت منطقة كورسك الروسية الصيف الماضي محاصرة تقريباً من جانب القوات الروسية.
وتسيطر روسيا على نحو خُمس أراضي أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، كما تواصل قواتها التقدم بمنطقة دونيتسك في الشرق بعد تكثيف الضربات بالطائرات المسيرة والصواريخ على المدن والبلدات البعيدة من الجبهة.
ووفقاً لزيلينسكي أطلقت روسيا جواً 1200 قنبلة موجهة ونحو 870 طائرة مسيرة هجومية وأكثر من 80 صاروخاً على أوكرانيا في الأسبوع الماضي وحده.
من جهتها نقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا قولها اليوم الإثنين إنه لا توجد خطط لإجراء محادثات هذا الأسبوع بين روسيا والولايات المتحدة.
وكانت شبكة “سي أن أن” الإخبارية الأميركية ذكرت أمس الأحد أن مسؤولين أميركيين سيلتقون نظراءهم الروس خلال المحادثات مع أوكرانيا في السعودية هذا الأسبوع.
نقلاً عن : اندبندنت عربية