أقر مجلس النواب الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون، أمس الثلاثاء، مشروع قانون يمول جزئياً الحكومة الفيدرالية حتى سبتمبر (أيلول) المقبل بهدف تجنب “الإغلاق”، وهي حال يسعى الرئيس دونالد ترمب بكل ما أوتي من قوة لمنع حصولها.
ويحيل “الإغلاق” مئات الآلاف من موظفي الحكومة الفيدرالية على البطالة الفنية ويؤدي إلى تجميد كثير من المساعدات الاجتماعية وإغلاق بعض دور الحضانة.
وبعد إقراره في المجلس، أمس الثلاثاء، بغالبية 217 نائباً مقابل 213 نائباً صوتوا ضده، أحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الذي يتعين عليه بدوره اعتماده ورفعه إلى الرئيس لنشره قانوناً سارياً قبل الموعد النهائي عند منتصف ليل الجمعة-السبت المقبل.
ونظراً إلى غالبيتهم الضئيلة، كان الجمهوريون في مجلس النواب يسيرون بين الألغام لإقرار هذا النص، لكن زعيمهم مايك جونسون بدا مطمئناً قبيل التصويت.
وقال رئيس مجلس النواب مخاطباً أعضاء حزبه الجمهوري “بإمكاننا أن ننجز ذلك بمفردنا”، داعياً في المقابل خصومه الديمقراطيين إلى التحلي بـ”المسؤولية” والتصويت لمصلحة النص.
موقف الديمقراطيين
لكن دعوة جونسون لم تلق آذاناً صاغية سوى من نائب ديمقراطي واحد صوت لمصلحة النص، إذ إن زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز قال إن أحداً من نواب حزبه لن يصوت لمصلحة مشروع القانون.
ووصف جيفريز النص بأنه يمثل اعتداء “على المحاربين القدامى وكبار السن والأسر” بسبب التخفيضات التي يلحظها في عدد من نواحي الإنفاق العام.
وبعد إقرار النص اتهم جونسون الديمقراطيين بأنهم كانوا “مستعدين للعب على الوقت في ما يتعلق بتمويل الحكومة، في محاولة عبثية منهم لمنع أجندة أميركا أولاً” التي يسعى ترمب لتطبيقها.
وتمويل الإدارات الفيدرالية موضوع نزاع متكرر في الولايات المتحدة، وتدور في شأنه خلافات حتى داخل المعسكر الجمهوري بين المحافظين المعتدلين وأنصار ترمب الداعين إلى تقليص كبير في الإنفاق الفيدرالي.
خفض عدد موظفي وزارة التعليم
في السياق أعلنت وزارة التعليم الأميركية، أمس، أنها باشرت خفض عدد موظفيها إلى النصف، في خطوة تندرج في إطار جهود الرئيس ترمب لتقليص البيروقراطية في الحكومة الفيدرالية.
وقالت وزيرة التعليم ليندا ماكماهون في بيان، إن “وزارة التعليم بدأت اليوم خفض عدد موظفيها بنسبة تقارب 50 في المئة من قواها العاملة”، مشيرة إلى أن الموظفين المشمولين بالقرار سيوضعون في إجازة إدارية قسرية اعتباراً من 21 مارس (آذار) الجاري. وأضافت أن هذا الخفض “يعكس التزام وزارة التعليم الكفاءة والمساءلة وضمان نشر الموارد حيث تكون أكثر أهمية: للتلامذة وأولياء الأمور والمعلمين”.
ولم يخف ترمب يوماً رغبته في إلغاء وزارة التعليم، وأفادت وسائل إعلام أميركية عدة، الأسبوع الماضي، أن الرئيس الجمهوري يعد العدة لتفكيك هذه الوزارة.
وبحسب هذه الوسائل الإعلامية، وفي مقدمها صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن إدارة ترمب تعمل على صياغة مرسوم يمنح الوزيرة ماكماهون صلاحيات تفكيك وزارتها.
وماكماهون هي الرئيسة السابقة لاتحاد المصارعة العالمية الترفيهية “دبليو دبليو إي”، أكبر ناد في الولايات المتحدة لتنظيم مباريات المصارعة الترفيهية.
وبحسب نص المرسوم الذي تعمل عليه إدارة ترمب، فإن وزيرة التعليم ستكون مسؤولة عن “اتخاذ كل التدابير اللازمة لتسهيل إغلاق وزارة التعليم” في “حدود ما هو مناسب ومسموح به قانوناً”. وسبق لترمب أن وعد خلال حملته الرئاسية بأن يتخلص من هذه الوزارة وينقل مسؤولياتها إلى حكومات الولايات التي تمتلك بالفعل معظم الصلاحيات في هذا المجال.
وعندما اختار ترمب ماكماهون لتولي وزارة التعليم قال، إنه يعينها لكي “تجعل نفسها عاطلة عن العمل”.
ووزارة التعليم التي أنشئت عام 1979 في عهد الرئيس الراحل جيمي كارتر لا يمكن تفكيكها بالكامل من دون صدور قانون بذلك عن مجلس الشيوخ بغالبية 60 صوتاً في حين أن الغالبية الجمهورية في المجلس تقتصر حالياً على 53 مقعداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الحدود مع المكسيك
على صعيد آخر أعلنت الولايات المتحدة، أمس، أنها ستنشر أكثر من 600 عسكري إضافي على حدودها مع المكسيك، في خطوة تتزامن مع تعزيز إدارة ترمب إجراءات مكافحة الهجرة غير النظامية.
وقالت القيادة الأميركية الشمالية في الجيش الأميركي (نورثكوم)، إن نحو 40 من هؤلاء العسكريين الإضافيين هم محللون استخباراتيون في القوات الجوية، في حين أن الباقين وعددهم 590 عسكرياً هم من سلاح الهندسة. وأضافت نورثكوم، أن هذه الزيادة سترفع العدد الإجمالي للعسكريين المنتشرين أو المتوقع نشرهم على الحدود مع المكسيك إلى نحو 9600 عسكري.
وفي أول يوم له بعد عودته إلى منصبه، وقع ترمب أمراً تنفيذياً أعلن بموجبه حال الطوارئ على الحدود مع المكسيك.
وخلال حملته الانتخابية، اتهم ترمب المهاجرين غير النظاميين في بلاده بأنهم “مجرمون” “يسممون دماء” الولايات المتحدة، متعهداً تنفيذ “أكبر عملية ترحيل في تاريخ البلاد”.
وبلغ عدد المهاجرين غير النظاميين المقيمين في الولايات المتحدة في 2022 نحو 11 مليون مهاجر، وفقاً لأحدث تقديرات لوزارة الأمن الداخلي.
تعديل دستوري في المكسيك
في المقابل، أقر البرلمان المكسيكي، أمس الثلاثاء، تعديلاً دستورياً لتعزيز سيادة البلاد ومعاقبة التدخلات الأجنبية، وذلك رداً على قرار الرئيس الأميركي إدراج ستة كارتيلات مكسيكية على قائمة المنظمات “الإرهابية”. وبغالبية ساحقة بلغت 417 صوتاً مؤيداً و36 صوتاً معارضاً، اعتمد مجلس النواب مشروع التعديل الدستوري الذي كانت الرئيسة اليسارية كلاوديا شينباوم أعلنت عنه في 20 فبراير (شباط) الماضي، رداً على قرار نظيرها الأميركي.
ويومها حذرت شينباوم من أن بلادها لن تقبل بأي “غزو” أميركي بذريعة مكافحة تهريب المخدرات.
وينص التعديل الدستوري الذي أقر، أمس الثلاثاء، على أن “المكسيك لن تقبل، تحت أي ظرف كان، بتدخلات أجنبية أو بأي عمل آخر من الخارج من شأنه أن يقوض سلامة الأمة واستقلالها وسيادتها”.
ويلحظ التعديل إنزال “أقصى عقوبة ممكنة” وفرض “الاحتجاز الوقائي” على أي أجنبي يقوم بأنشطة تجسس من دون موافقة الحكومة في إطار اتفاقات تعاون.
وسبق لمجلس الشيوخ المكسيكي أن أقر في الـ26 من فبراير الماضي هذا الإصلاح الذي يعدل مادتين من الدستور. ويتعين الآن الموافقة على النص من قبل برلمانات ولايات البلاد الـ32.
ولإقراره، لا بد أن يحصل التعديل الدستوري على تأييد 17 برلماناً محلياً في الأقل.
وتهريب المخدرات، وبخاصة مادة الـ”فنتانيل” الفتاكة للغاية، إلى الولايات المتحدة هو الحجة الرئيسة التي يستخدمها ترمب لتهديد المكسيك وكندا أيضاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على صادراتهما إلى بلاده رغم أن الدول الثلاث ترتبط بـ”اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية” (نافتا).
وأرجأ الرئيس الجمهوري فرض هذه الرسوم مرتين، رغم إصراره على أنها ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثاني من أبريل (نيسان) المقبل.
لكن الرئيسة شينباوم أكدت أنها واثقة من أن ترمب لن ينفذ وعيده ضد بلاده.
نقلاً عن : اندبندنت عربية