يتمتع إريك تن هاغ بنوع من التحدي الذي جعله يبدو أحياناً رجلاً مختلفاً. لقد منحه طعم المجد غير المتوقع القوة. وقال بعد الفوز على مانشستر سيتي في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي “إذا لم يريدوني، فسأذهب إلى مكان آخر للفوز بالبطولات”. وقد قرر مانشستر يونايتد في البداية، وإن كان بعد التحدث إلى مجموعة من المديرين الفنيين الآخرين، أنه لا يزال يريده، لكن الآن بعد أربعة أشهر جاء القرار بأنهم لا يريدونه.
كان الفوز في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي وضعاً شاذاً عن القاعدة، والكأس التي اخترقت حالة ركود دامت 14 شهراً، ويمكن لتن هاغ أن يترك نادي “أولد ترافورد” وهو يجادل بأنه أنهى انتظار يونايتد لمدة ستة أعوام للفوز ببطولة وأن بيب غوارديولا فقط هو من فاز بمزيد من البطولات خلال فترة وجودهما في إنجلترا معاً، وصحيح أن هذا الطرح صحيح لكن عهد تن هاغ جر مانشستر يونايتد إلى أدنى مستوياته التاريخية، وقد تحول تن هاغ من المتألق خلال موسمه الأول وأفضل مدرب في تاريخ يونايتد منذ السير أليكس فيرغسون إلى شخص آخر تم مضغه وبصقه.
لقد تعززت سمعته في البداية ثم تضاءلت مع كل هفوة، وأصبح من الصعب تصديق أنه نفس المدرب الذي قاد أياكس الهولندي إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، فمنذ ذلك الحين أشرف على أسوأ موسم في تاريخ يونايتد بدوري أبطال أوروبا إذ يحوي سجلهم حالياً فوزاً واحداً في آخر 11 مباراة أوروبية، ولم يتمكنوا حتى من هزيمة نادي تن هاغ السابق تفينتي الهولندي، وكان الموسم الماضي هو الأسوأ لهم في الدوري الإنجليزي الممتاز مع أدنى مركز (الثامن)، وأكبر عدد من الهزائم 14 وعار فارق الأهداف السلبي (-1) والآن حققوا أسوأ بداية لهم على الإطلاق في موسم الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبينما فازت سلسلة من الفرق الأقل شأناً مثل برايتون وبورنموث وكريستال بالاس وفولهام في “أولد ترافورد” وبصورة جلية في بعض الأحيان، كان تن هاغ يميل إلى الفشل في أسهل الاختبارات.
كان سجل يونايتد خارج أرضه ضد أفضل الفرق بائساً إذ حقق فوزاً واحداً من 15 مباراة ضد الثمانية الكبار، وجمع سبع نقاط من 45 نقطة ممكنة، وإذا كانت الهزيمة بنتيجة (0 – 7) من ليفربول في ملعب “أنفيلد” بمثابة الحضيض، فقد جاءت في الأقل في موسم سارت فيه كثير من الأمور بصورة جيدة.
منذ ذلك الحين، سارت كثير من الأمور الأخرى بصورة خطأ، وإذا لم يكن كل هذا خطأ تن هاغ وحده في ناد كان مختلاً في كثير من النواحي قبل قدومه، وإذا كانت أرضية من عدم الاستقرار وسط تغيير في الملكية، فقد أصبح من الصعب على نحو متزايد الهرب من الشعور بأن عديداً من المشكلات تنبع منه هو.
حتى الإصابات التي هي العذر الحاضر دائماً في الموسم الماضي، لم تستطع تفسير إخفاقاتهم، فكما أوضحت انتكاسات هذا الموسم مع عدد أقل بكثير من الغائبين، بدا أن قائمة الفرق التي بدت أفضل تدريباً من يونايتد تتزايد مع كل خصم يواجهه.
وإذا كان المدير الفني الهولندي السابق ليونايتد لويس فان خال قد جلب العقم التهديفي للفريق فقد قدم تن هاغ بدلاً من ذلك نوعاً غريباً من الفوضى. كان فريقه يتلقى 20 تسديدة في الأقل في المباراة وثلاثة أهداف أو أكثر في كل مباراة بانتظام ملحوظ، ومع ذلك نادراً ما كانوا يسجلون كثيراً من الأهداف، إذ أصبحوا ثالث أقل الفرق تسجيلاً للأهداف الآن، وتفوقت عليهم باقي فرق النصف الأول من جدول الترتيب بالموسم الماضي، إذ فشلوا في تسجيل 60 هدفاً في الدوري في أي من المواسم الكاملة.
قد يفتقر يونايتد إلى القوة النارية في الهجوم، وغير منظم في الدفاع، وفي بعض الأحيان يبدو وكأنه من دون خط وسط على الإطلاق، وكان “تشكيل كعكة الدونات” لتن هاغ، مع وجود ثغرة في الوسط، أكثر وضوحاً في الموسم الماضي عندما كان الشيء الوحيد الذي فعله كاسيميرو بسرعة هو الانحدار في المستوى، لكنه أشار إلى مشكلات هيكلية مع تكتيكات مربكة.
كان كاسيميرو نجماً ومؤشراً إلى التحسن الأولي لتن هاغ ثم رمزاً للركود اللاحق، وإذا كان وصوله يعود إلى صيف طارد فيه يونايتد فرينكي دي يونغ من دون جدوى وأنفق بدلاً من ذلك 63 مليون جنيه استرليني (81.80 مليون دولار) على لاعب يبلغ من العمر 30 سنة، فقد سلط الضوء على عدد من أخطاء عهد تن هاغ.
كان هناك الإنفاق الهائل بأكثر من 600 مليون جنيه استرليني (779.09 مليون دولار) بحلول النهاية، أي نحو 200 مليون جنيه استرليني (259.70 مليون دولار) كل صيف، مع قلة الصفقات التي يمكن وصفها بأنها مثلت نجاحات حقيقية (قد يكون أفضل أجزاء إرثه كوبي ماينو وأليخاندرو غارناتشو، وهما اثنان لم يشترهما تن هاغ)، ومع ذلك بدا الهولندي دائماً يريد مزيداً من اللاعبين مدعياً أن فريقه كان عملاً قيد التقدم حتى عندما بدا أنه يتراجع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذا لم تكن الأسعار المتضخمة وبخاصة تلك التي دفعها مدير كرة القدم السابق جون مورتوغ ترجع بالكامل إلى تن هاغ فإن سياسة التعاقدات كانت تحمل بصمة تن هاغ، وبدا أنه يبالغ في تقدير كرة القدم الهولندية، إذ أجرى تجربة حول كيف يمكن لفريق من نجوم الدوري الهولندي الممتاز أن يؤدي في إنجلترا وبطولات أوروبا.
والأكثر إدانة ومن المستحيل الهرب منه، كانت هناك كارثة 86 مليون جنيه استرليني (111.67 مليون دولار) للتعاقد مع أنتوني، وهو أسوأ صفقة في تاريخ يونايتد، ولاعب كرة قدم بائس بسعر غريب، وكان من الممكن حل عدد من مشكلات يونايتد مع قواعد الربح والاستدامة الخاصة بالدوري الإنجليزي الممتاز إذا لم يوقعوا مع أنتوني.
إذا أعطى يونايتد تن هاغ كثيراً من المال، فقد استثمروا كثيراً من الثقة فيه أيضاً: أولاً مورتوغ والرئيس التنفيذي السابق ريتشارد أرنولد ولكن بعدهما، نظام السير جيم راتكليف الذي ضحى بموسم آخر من خلال الاحتفاظ بتن هاغ والسماح له بالإنفاق مرة أخرى.
بالعودة إلى شتاء (2022 – 2023) عندما تعافى تن هاغ من البداية الخطأ لخسارة أول مباراة له أمام برايتون وهزيمة ساحقة بنتيجة (0 – 4) أمام برينتفورد ليخوض سلسلة من 40 مباراة لم تجلب سوى أربع هزائم وأسفرت عن التتويج بكأس “كاراباو” فقد كان يصنع سمعة باعتباره المدير الفني الحديدي الجديد في “أولد ترافورد”، وهو شخصية حاسمة كانت على حق. لقد فاز بصراعه على السلطة مع كريستيانو رونالدو، وتخلى عن القائد هاري ماغواير وجعل ماركوس راشفورد يسجل الأهداف مجدداً.
عندما تولى وظيفة تدريب يونايتد، كان الأصدقاء في هولندا قلقين من افتقاره إلى الكاريزما المطلوبة، ومع ذلك عندما بدا قوياً وصحيحاً في قراراته اكتسب الاحترام من دون الحاجة إلى أن يكون مثيراً، ولكن كلما طال أمد حكمه قلت قدرته على إظهار لمسته الحاسمة في اتخاذ القرارات.
لقد كانت بعض اختياراته غريبة فقد أبقى راشفورد في الفريق عندما لم يسجل، ثم أراحه عندما سجل، ولم يبد أي مدرب أنه يستبدل المدافعين في كثير من الأحيان، وحتى عودة ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الموسم الماضي ضد ليفربول كانت غير منطقية، إذ أنهى أنتوني المباراة في مركز الظهير الأيسر وبرونو فيرنانديز في قلب الدفاع.
أفسح وضوح الفكر المجال للارتباك وكان لدى تن هاغ نوع غريب من المنطق، إذ كان اللاعبون مثل ماغواير وسكوت ماكتوميناي وكريستيان إريكسن ورافائيل فاران يتأرجحون بين الصعود والهبوط من دون سبب وجيه. وكانت هناك أوقات كان فيها منقذوه في المباريات رجالاً مثل ماغواير وماكتوميناي اللذين حاول بيعهما، وكانت ملحمة جادون سانشو مدمرة بلا معنى وإذا لم يكن الخطأ كله من قبل تن هاغ فهو أيضاً لم يكن مصيباً في رأيه ولا لوم عليه، وقد تحدث عن المعايير مع وجود القليل من الأدلة الثمينة على تحسنها.
وإذا كان كل شيء يمكن تضخيمه في يونايتد، فقد كان هناك كثير من المواقف المحرجة، وكثير من الهزائم التي كانت مدمرة للغاية، وفي خضم الفوز بنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، قال تن هاغ إنه دخل في فوضى في يونايتد، والآن يترك فوضى أيضاً.
نقلاً عن : اندبندنت عربية