ماذا لو كانت الألواح الشمسية لا تقتصر على تقليص فواتير الطاقة فحسب، بل تمنحك أرباحًا فعلية؟ هذه الفكرة قد تكون أقرب إلى الواقع أكثر مما نتصور، وقد لمحت لها هذا الأسبوع في “منتدى الطاقة الجديدة” الذي أقيم في بلدة “نارابري” الأسترالية، والتي تشتهر بالزراعة واستخراج الفحم. في هذا المنتدى، تجمع عدد من أبرز المبتكرين في مجال الطاقة الشمسية الذين قابلتهم خلال السنوات الأخيرة.
من بين هؤلاء المبتكرين، يأتي مايكل هونغ، المهندس الشاب الذي لديه فكرة مبتكرة تتمثل في تحويل الألواح الشمسية إلى محطات لتوليد الطاقة الصغيرة التي يمكن أن تحقق أرباحًا من تجارة الطاقة. مايكل يعمل في شركة “إنيرغوس” البريطانية المتخصصة في التقنيات النظيفة وتركيب الألواح الشمسية، حيث قامت الشركة بتطوير نظام مبتكر يجمع بين البطاريات والألواح الشمسية ويعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة الطاقة. هذا النظام لا يقتصر على تتبع احتياجاتك من الطاقة فحسب، بل يقوم أيضًا بمراقبة حركة سوق الكهرباء لبيع الطاقة الفائضة في الأوقات المناسبة لتحقيق الربح.
تتمثل القدرة الكامنة لهذا النظام في تقليل تكلفة تركيب الألواح الشمسية بشكل ملحوظ، وتحويل الطاقة المنتجة إلى فرصة مربحة على المدى القصير والمتوسط، خاصة إذا كانت ظروف السوق ملائمة.
خلال المنتدى، قام مايكل بشرح كيفية عمل هذا النموذج الذي بدأ بالفعل في تحقيق أرباح للمزارعين والمصانع وحتى بعض النزل الصغيرة، حيث تمكن من خفض تكاليف فترات التزود بالطاقة التقليدية إلى النصف في بعض الأحيان. وبفضل نظام الذكاء الاصطناعي، يتمكن من بيع الطاقة إلى الشبكة الكهربائية في أوقات ملائمة لتحقيق أقصى ربح ممكن.
وتمثل هذه الفكرة خطوة نحو توسيع مفاهيمنا حول الطاقة الشمسية. بدلاً من اعتبار الألواح الشمسية مجرد وسيلة لتقليل التكاليف، أصبح من الممكن أن تُنظر إليها كفرصة لتحقيق أرباح. وكما قال مايكل: “يجب أن ننتقل من النظر إلى الألواح الشمسية كطريقة لتقليل التكاليف إلى اعتبارها فرصة لتحقيق الربح”.
يأتي هذا في وقت يعاني فيه الناس من ارتفاع تكاليف المعيشة، وهو ما يعكسه الاستطلاع الذي أُجري في يناير 2025، حيث أظهر أن نصف الأسر البريطانية تخطط لتقليل استهلاكها للطاقة في العام الحالي، بينما أعرب ثلثاهم عن قلقهم بشأن كيفية تعامل الحكومة مع أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.
وهذا القلق يجد صداه في السياسة العامة، حيث قام بعض السياسيين بإلقاء اللوم على الطاقة المتجددة لارتفاع تكاليف الطاقة، وهو ما لا يعكس الواقع بشكل صحيح. وفي هذا السياق، تبرز قصّة توني إيندر، الذي كان يملك فكرة مبتكرة تتعلق باستخدام الأراضي المزروعة تحت الألواح الشمسية. فبعد أن لاحظ العشب ينمو بين الألواح الشمسية في أحد أكبر مزارع الطاقة الشمسية في أستراليا، عقد صفقة مع مشغلي المزرعة لترك خرافه ترعى هذا العشب. ونتيجة لذلك، تمكّن توني من خفض تكاليف جز العشب بشكل كبير، في حين استفادت خرافه من الظلال والعشب الطري.
تجسد قصة توني نموذجًا آخر للابتكار في استخدام الطاقة الشمسية، وتبين كيف يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتحقيق أرباح إضافية، سواء من خلال تقليص التكاليف أو من خلال استغلال الفرص الجديدة. وبالتالي، يظهر كل من توني ومايكل أن المستقبل في مجال الطاقة المتجددة لا يعتمد على التضحية والتنازلات، بل على الابتكار والاستفادة من الفرص المالية.
هذه الأفكار تشجع على التفكير في كيفية استفادة الأفراد من الطاقة المتجددة بطرق مبتكرة تحقق لهم أرباحًا، مما يعزز من الاهتمام بمستقبل الطاقة النظيفة وتطوراتها.