أعلن علي رضا رئيسي، مساعد دائرة الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي في إيران، أرقامًا صادمة تُظهر أن نحو 10 آلاف عامل يفقدون حياتهم سنويًا بسبب حوادث العمل، وهو رقم يفوق بكثير الإحصاءات الرسمية السابقة التي كانت تشير إلى وفاة حوالي 2000 عامل فقط خلال عام 2024.

وكانت منظمة الطب الشرعي الإيرانية قد أعلنت سابقًا أعدادًا أقل، حيث اقتصرت الإحصاءات الرسمية على أقل من 2000 وفاة سنويًا، فيما أشار رئيسي، وفقًا لوكالة “إرنا”، إلى ضرورة مراجعة معايير الصحة البيئية والمهنية لتوفير حماية أفضل للعمال.

تشير هذه الأرقام إلى أن معدل وفيات العمال في إيران بسبب نقص معايير السلامة المهنية يزيد عن ثلاثة أضعاف مجموع الوفيات في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، حيث سجلت تلك الدول 3286 حالة وفاة في 2024، بينما لم تتجاوز الوفيات في المملكة المتحدة 138 حالة.

وخلال ملتقى “التحول في سلامة العمل ودور الذكاء الاصطناعي والرقمنة في الصحة المهنية”، أكد رئيسي أن هذا العدد الكبير من الوفيات يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة، كما أشار إلى وجود العديد من حالات الإعاقة طويلة الأمد الناتجة عن الحوادث المهنية، مثل التعرض المستمر لأبخرة الفحم والبنزين التي تظهر أعراضها بعد سنوات.

وأضاف رئيسي أن هناك نقصًا حادًا في الكوادر المتخصصة لمراقبة الصحة المهنية، وأن العديد من القوانين والمعايير الصحية في إيران قديمة وتحتاج إلى تحديث، مؤكدًا أهمية الاستفادة من التقنيات الحديثة وتبني المعايير العالمية لضمان سلامة العمال.

حتى الآن، لم تصدر وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي ولا منظمة الطب الشرعي أي تعليق رسمي على هذه الأرقام الجديدة، ولم توضح أسباب امتناعها عن نشر الإحصاءات الحقيقية سابقًا.

واعتبرت وكالة “إيلنا” الرسمية هذا التفاوت الكبير في الأرقام مثيرًا للاستغراب، مؤكدة أن إحصاءات الطب الشرعي رغم دقتها مقارنة بوزارات أخرى، لا تعكس الواقع الكامل لحوادث العمل، وأن هناك تغطية وتعتيمًا على حجم المشكلة الحقيقية.

وأوضح فرشاد إسماعيلي، متخصص حقوق العمال، أن الإحصاءات الرسمية تقتصر على الورشات الرسمية والعمال المؤمن عليهم فقط، وأن هناك تلاعبًا في تسجيل الحوادث، إضافة إلى تسويات بين أصحاب العمل وعائلات الضحايا، مما يجعل الأرقام الرسمية غير موثوقة وتعكس جزءًا صغيرًا من الواقع.

كما أوضح أن أسبابًا أخرى مثل تدوين سبب الوفاة بشكل غير مباشر في شهادات الوفاة، تُخفي حقيقة أن الوفاة ناجمة عن حادث عمل، مما يقلل من دقة الإحصاءات.

تكشف تصريحات مساعد وزير الصحة عن أزمة عميقة في مجال سلامة العمال في إيران، وعبّر الخبراء عن أن الحكومات المتعاقبة أخفت أرقام الوفيات الحقيقية للتغطية على الفشل في إدارة هذه الأزمات، وهو ما يعكس نمطًا متكررًا في التعامل مع ملفات أخرى مثل التضخم والبطالة.

في ظل هذا الواقع، تحولت سلامة العمال إلى تحدٍ خطير بسبب الإهمال الحكومي وضعف الرقابة، حيث يعاني العمال في القطاعات عالية الخطورة من بيئات عمل غير آمنة، ويُظهر تقاعس الجهات المختصة في تنفيذ قوانين العمل وحماية حقوق العمال.

هذه الظروف أدت إلى حوادث عمل مميتة تزعزع أمن العمال وصحتهم، مطالبين بتحرك جاد لتحسين معايير السلامة والرقابة على بيئات العمل.