تحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى إنفاق ما لا يقل عن 10 مليارات يورو إضافية هذا الصيف مقارنة بالعام الماضي، لإعادة ملء مخزونها من الغاز تحضيرًا لفصل الشتاء المقبل، بعد أن شهدت القارة أول موسم شتوي بارد حقيقي منذ أربع سنوات أدى إلى استنزاف كبير في احتياطيات الغاز.
تحديات كبرى في إعادة ملء مخزون الغاز قبل الشتاء
في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، اتفق الاتحاد الأوروبي على ملء مخازن الغاز بنسبة 90% من السعة خلال كل صيف لتفادي اضطرابات محتملة في الشتاء. لكن مع نهاية الموسم البارد الأخير، كانت خزانات الغاز الأوروبية قد فرغت بنسبة الثلثين بحلول مارس الماضي، ما استدعى جهودًا مكثفة وكلفة مرتفعة لاستعادتها.
ووفقًا للمحلل آينو كوهاناثان من شركة “ألاينز تريد” لتأمين التجارة، فإن الشتاء الأخير كان الأول فعليًا منذ اندلاع الحرب، كما ساهم انخفاض سرعة الرياح في تقليل إنتاج الطاقة المتجددة وزيادة الاعتماد على الغاز.
وعلى الرغم من أن أسعار الغاز الحالية أقل من العام الماضي بسبب تراجع الطلب من الصين، فقد قدرت كوهاناثان كلفة تحقيق هدف التخزين بنسبة 90% بحلول نوفمبر المقبل بنحو 26 مليار يورو، مقارنة بـ16 مليار يورو العام الماضي التي كانت مطلوبة للوصول إلى نسبة تخزين أعلى بلغت 99%.
في ضوء هذه التحديات، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي مؤخرًا على إدخال مزيد من المرونة في تحقيق هدف التخزين، بعد انتقادات تفيد بأن الالتزام الصارم بنسبة 90% رفع أسعار الغاز خلال الصيف بسبب تزايد الطلب على التعبئة. ألمانيا كانت من أبرز المطالبين بهذه المرونة، في حين اقترحت المفوضية الأوروبية تمديد الهدف حتى 2027، مع احتمالية تخفيض الهدف حتى 7%، ما يضيف عنصر عدم اليقين لموسم التخزين الحالي.
ويشير كوهاناثان إلى أن الاتحاد الأوروبي أنفق حوالي 100 مليار يورو على واردات الغاز والغاز الطبيعي المسال هذا العام، وهو استثمار ضروري للحفاظ على استقرار الأسعار وتجنب المنافسة الشديدة بين الدول خلال فترة ارتفاع الطلب في الشتاء.
من جانبها، حذرت منظمة “يوروغاز” من أن الالتزامات المتعلقة بتخزين الغاز قد تزيد من تقلبات أسعار الغاز بالجملة، داعية إلى تواصل واضح بين صانعي السياسات.
ويشير محللو “مورغان ستانلي” إلى توقعات بارتفاع أسعار الغاز بنسبة 10% خلال الصيف بسبب عمليات إعادة التعبئة الكبيرة، مع حاجة أوروبا لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بنسبة 45% مقارنة بالعام الماضي لتحقيق نسبة تخزين 80%.
وفي ظل المنافسة على شحنات الغاز الطبيعي المسال، قال بيدير بيورلاند نائب رئيس قسم تجارة الغاز في شركة “إكينور” النرويجية، أكبر مورّد للغاز الأوروبي، إن أوروبا قد تضطر لدفع أسعار أعلى لتتفوق على الصين ودول آسيوية أخرى في الحصول على الإمدادات هذا الصيف.
وتعتبر الصين أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال عالميًا، وقد خفّضت مؤخرًا مشترياتها بسبب الظروف المناخية والاقتصادية، لكن الهُدنة المؤقتة في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة قد ترفع الطلب مجددًا، مما قد يزيد من حدة المنافسة وأسعار الغاز، وفق تحذيرات “مورغان ستانلي”.