خبير اقتصادى: الضغوط التضخمية المستوردة بالاقتصاد المحلى لها تداعيات اقتصادية واجتماعية


أكد الدكتور أحمد جمعة عبد الغني حسن، أستاذ الاقتصاد ومستشار جامعة الزقازيق للسياسات والشئون الاقتصادية بأن التمويل الخارجي بصوره المختلفة، دينا كان أم استثمارا أجنبيا، يكون مُعززا للتنمية الاقتصادية إذا ساهم فقط في تطوير القدرات الإنتاجية والتكنولوجية والتصديرية للاقتصاد المصري. فكل نقد أجنبي يتدفق محليا يجب توظيفه بشكل يساعد في توليد مزيد من هذا النقد، وإلا وقعنا أسرى لدوامة الديون ولن يحدث ذلك بطبيعة الأمور بدون توظيف النقد الأجنبي ــ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ــ لخدمة أنشطة التصدير.


 


أضاف جمعة لـ”اليوم السابع” لكي نشجع الاستثمارات الأجنبية على التدفق، يجب أن نحفزها لتتوطن في القطاعات التصديرية. وحتى إذا توسعنا في أنشطة التعليم والتدريب ببعض من مصادر التمويل الأجنبي، يتعين أن نستهدف من وراء ذلك تصديرا «مؤقتا» لعمالتنا الوطنية الماهرة، فرؤيتنا التنموية هي أن كل تمويل أجنبي لا يُنمى أو يُوسع قدرات التصدير، تكون تكاليفه باهظة على الحاضر والمستقبل!، ومع ارتفاع مخاطر الديون السيادية بات اتخاذ نهج تعاوني عالمي ضرورة حتمية للتوصل الي تسوية منظمة لمشكلات الديون دون التوقف عن سدادها. 


 


أوضح إنه لذلك يجب دائما تقييم اداء الاستراتيجية التي تدار بها الدين العام في مصر مع الأخذ في الاعتبار أهداف تلك الإستراتيجية المتمثلة في (1) تلبية التمويل المحلي بأقل تكلفة ممكنة في المدى المتوسط والطويل (2) الإبقاء على درجة مخاطرة أمنه أو تتسم بالاتزان في محفظة الدين العام، وهو ما يتطلب اجراءات إصلاحية في البنية التشريعية التي ترتكز قي مصر على قانون الموازنة العامة للدولة الذي يجب أن يحدد سقف للاستدانة عند تحديد مقدار الاقتراض السنوي – بجانب مراعاة مخاطر السوق المتمثلة في ( العملة – سعر الفائدة – نسبة الدين بالعملة الأجنبية مقابل الدين المحلي – نوع العملات المكونة للدين ذاته) ولا شك أن التنمية الاقتصادية التي تسعى الدولة المصرية تحقيقها تحتاج بجانب التمويل المحلي أيضا التمويل الخارجي وذلك لدعم القطاعات الاقتصادية والتنمية المستدامة والإصلاح الهيكلي المنشود.


 


أضاف أحمد جمعة:  فاذا كان خيار تمويل التنمية هو الاعتماد علي التمويل الخارجي بجانب التمويل المحلي فيجب إعادة النظر في هندسة الديون الخارجية، حيث يحتاج قرار اختيار ديون دولية خارجية ضرورة بناء كيان منظومي متكامل يتسق ويربط بين المتغيرات والثوابت في جانبي طالب الديون ومانح الديون وتوفير تدفقات معلوماتية رقمية لدعم عملية الاقتراض والاستثمار الأمثل وفقا لخطة التنمية والاولويات والحسابات القومية وجداول مدخلات ومخرجات الدولة المقترضة.


 


ونثمن ما صرحنا به من قبل أنه ليس كل الدين سيئاً. فالاقتراض يمكنه بالفعل تمويل الاستثمارات الحيوية وفقًا لعدة محددات توضح مدى حاجة مصر للاقتراض من الخارج وهي أن هذه القروض تستخدم في تمويل مشروعات تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية، والتي يتعين أن تتم دفعة واحدة مع عمل دراسات جدوى للمشروعات التي سوف تستخدم تلك القروض في تمويلها والتأكد أن التدفقات المستقبلية للمشروع تغطى أصل القرض وفوائده، عندما يتم ذلك بشكل سليم يتحقق دخل أعلى يمكن أن يعوض تكلفة خدمة الدين. وتنشأ المشكلات حين يكون الدين مرتفعاً بالفعل والموارد المستمدة من القروض الجديدة لا تُنفَق وفقا للمحددات السابق الإشارة إليها.


 


وتابع : تجدر الإشارة إلى أن تحتاج مصر إلى استثمارات بقيمة 100 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة؛ لسد الفجوة الدولارية البالغة 30 مليار دولار، والمقصود بالفجوة الدولارية، هو الفارق بين الموارد الدولارية التي تحصل عليها الدولة من المصادر المختلفة كل عام مثل التصدير أو السياحة أو الاستثمارات الأجنبية أو التحويلات الخارجية، والمبالغ الدولارية المطلوبة منها لسداد التزاماتها مثل الديون الخارجية أو الاستيراد، والحقيقة إن علاقة الدولار بمنظومة الأسعار فى مصر هى علاقة معقدة وفى حاجة لتحرير، ذلك أن الدولار يؤثر فى الأسعار المحلية من ثلاث قنوات رئيسية؛ الأولى هى «قناة الاستيراد»، والثانية هى «قناة الإنتاج»، والثالثة هى «قناة التحفيز».


 


وعبر هذه القنوات، عندما يرتفع سعر الدولار أمام الجنيه، سترتفع، وبطريقة مباشرة وبنسبة أكبر، قيمة المنتجات المستوردة وقيمة المنتجات المحلية ذات المكوّنات المستوردة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ ستتحفز ــ لعوامل متعددة ــ أسعار المنتجات المحلية الخالصة، ثم تأخذ الاتجاه الصعودى.

نقلاً عن : اليوم السابع