شهد السودان منذ استقلاله عام 1956 تحولات سياسية وانتفاضات شعبية عديدة لكن لم يصل إلى مرحلة الحرب إلا خلال العام الماضي، ومن هنا تأتي أهمية الفيلم الوثائقي (مدنياااو) أو “مدنية” الذي يرصد المرحلة ما بين خلع الرئيس عمر البشير والاقتتال بين الجيش وقوات “الدعم السريع”.

الفيلم من إخراج محمد صباحي ويشارك حالياً في الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن مسابقة “آفاق السينما العربية” في عرضه الأول داخل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد عرضه خلال يونيو (حزيران) الماضي بمهرجان شيفلد للأفلام الوثائقية في إنجلترا.

يبدأ الفيلم بإذاعة بيان رئيس المجلس العسكري الانتقالي سابقاً الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان خلال أبريل (نيسان) 2019، الذي وعد فيه بتسليم إدارة البلاد إلى حكومة مدنية خلال مدة أقصاها عامان وينتهي باللقطة ذاتها، مما يعطي انطباعاً بالحصار داخل دائرة مفرغة من الوعود المتكررة من جانب المسؤولين دون إدراك حقيقي لحجم وقيمة التغيرات في الشارع وفي مستوى وعي المواطنين.

وفي المقابل، يستعرض الفيلم يوميات وأحلام ثلاثة مواطنين سودانيين من خلفيات ثقافية واجتماعية متباينة آمنوا بالحراك الشعبي من أجل مدنية الدولة، وشاركوا في التظاهرات والاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش الذي فض بالقوة.

كان الفن الأداة الرئيسة في تفاعلهم مع تطورات الأحداث العنيفة والدامية أحياناً في الشارع سواء بالغناء أو الرسم على الجدران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مزج الفيلم في صورِه بين لقطات مأخوذة بالكاميرا ومقاطع التقطت بكاميرات الهواتف المحمولة من بعض المتظاهرين، إضافة إلى مقتطفات تلفزيونية لكلمات الساسة والقادة العسكريين ومراسم توقيع وثيقة تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والقوى المدنية خلال أغسطس (آب) 2019.

وقال صباحي بعد عرض الفيلم الوثائقي في دار الأوبرا المصرية أول من أمس الإثنين “كنت أتابع ما يجري في الشارع يومياً، في البدايات ما كان بذهني أشيل كاميرا وأصور لكن لاحظت جيلاً جديداً من الشباب مختلفاً، ولما حصل اعتصام القيادة العامة حسيت إن دوري كصانع أفلام أن أحمل الكاميرا وأسجل ما يحدث لأشارك في الثورة بالطريقة التي أعرفها”.

وأضاف “الشخصيات كلها لقيتها بالصدفة قاعدين في الاعتصام 52 يوماً، كل يوم أجد شخصية مثيرة للاهتمام، وهي شخصيات بسيطة جمعها حب البلد والإيمان بحريته”.

وتابع قائلاً “الناس في الشارع ما جمعها من البداية إلا الفن، الاعتصام كان كله عبارة عن يا رسم يا أغاني، حتى أنه كانت هناك بعض عروض السينما والمسرح داخل الاعتصام، لذلك كان من المهم أن يظهر هذا على الشاشة”.

وأشار إلى أنه على رغم انتهاء التصوير قبل اندلاع القتال بين الجيش وقوات “الدعم السريع” خلال أبريل 2023 واجه أفراد طاقم الفيلم صعوبات كثيرة أثناء العمل، وكان الرصاص ينهمر حولهم في بعض الأحيان خلال إجراء بعض المقابلات.

نقلاً عن : اندبندنت عربية