قالت إيران، اليوم الجمعة، إنها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي “الجديدة والمتطورة” رداً على قرار تبنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في ما يتعلق ببرنامجها النووي.
وجاء في بيان مشترك صادر عن المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ووزارة الخارجية الإيرانية “أصدر رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أمراً باتخاذ إجراءات فعالة، بما فيها وضع مجموعة كبيرة من أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة وبأنواع مختلفة في الخدمة”.
مجلس الحكام
واعتمد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في ما يتعلق ببرنامجها النووي، بحسب ما أفاد دبلوماسيون وكالة الصحافة الفرنسية.
ومشروع القرار الذي طرحته على التصويت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدعم من الولايات المتحدة أيدته 19 دولة من أصل 35 وعارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو بينما امتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت.
واستبقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون جلسة التصويت الخميس بحشد الدعم للقرار من خلال تسليط الضوء على أنشطة إيران.
وخاطبت واشنطن مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقول إن أنشطة طهران النووية “ما زالت مثيرة للقلق بشكل عميق”، مشيرة إلى أن تعاون إيران مع الوكالة هو “أقل بكثير” من التوقعات.
بدورها، قالت الدول الأوروبية إن “سلوك إيران في المجال النووي” لا يزال يمثل “تهديداً للأمن الدولي”. وأضافت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك “يجب على المجتمع الدولي أن يظل ثابتاً في تصميمه على منع إيران من تطوير أسلحة نووية”.
“دوافع سياسية”
وبعد التصويت، قال مندوب إيران محسن نظيري أصل لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه الخطوة “ذات دوافع سياسية ولم تحظَ بدعم كبير مقارنة بالقرارات السابقة”.
وبعد توجيهها تحذيراً إلى إيران في يونيو (حزيران)، قدمت الدول الغربية نصاً جديداً يسلط الضوء على عدم إحراز أي تقدم في الأشهر الأخيرة.
تذكر الوثيقة التي أعدتها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إيران “بالتزاماتها القانونية” بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي التي صادقت عليها عام 1970.
وجاء في النص أنه “من الضروري والعاجل” أن تقدم طهران “ردوداً فنية موثوقة” في ما يتعلق بوجود آثار غير مفسرة لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين.
ويطالب الموقعون من الوكالة التابعة للأمم المتحدة بـ”تقرير كامل” حول هذا النزاع الطويل الأمد، مع تحديد موعد نهائي لتقديمه في ربيع عام 2025. منذ عام 2021 قيدت إيران تعاونها مع الوكالة إلى حد كبير، ففصلت كاميرات مراقبة وسحبت اعتماد مفتشين ذوي خبرة.
وفي الوقت نفسه، يواصل برنامجها النووي اكتساب زخم، مما يثير قلق المجتمع الدولي، على رغم إنكار طهران رغبتها في تطوير قنبلة نووية.
فجوة في المواقف
لكن هذه المرة يأتي القرار في سياق خاص، مع وجود فجوة بين الموقف الغربي وموقف رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلال زيارته إيران الأسبوع الماضي حصل غروسي من طهران على موافقة لبدء الاستعدادات لوقف توسيع مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب.
وأكد الأربعاء أن هذه “خطوة ملموسة في الاتجاه الصحيح” يتم إحرازها “للمرة الأولى” منذ أن تخلت طهران تدريجاً عن التزاماتها الواردة ضمن الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 في فيينا.
وقد سلطت صحيفة “إيران” الحكومية الضوء على هذا الموضوع الخميس، وتحدثت عن “الخلافات” في فيينا ومجلس الوكالة.
تنص “خطة العمل الشاملة المشتركة”، وهو الاسم الرسمي للاتفاق النووي، على تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على طهران، في مقابل ضمانات بعدم سعيها إلى تطوير أسلحة نووية.
لكن الاتفاق تراجع تدريجاً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه أحادياً عام 2018 في ظل رئاسة دونالد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات شديدة على طهران.
رداً على ذلك، زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم العالي التخصيب بصورة كبيرة ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المئة، لتقترب بذلك من نسبة الـ90 في المئة اللازمة لصنع قنبلة نووية.
وقد حددت “خطة العمل الشاملة المشتركة” التي فشلت مفاوضات في إحيائها عام 2022 معدل التخصيب الأقصى عند 3.67 في المئة.
من جهتها، حذرت إيران من أنها سترد “بالطريقة المناسبة”، كما حدث عندما اتخذت الوكالة قرارات سابقة. وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الخميس أن تمرير القرار “سيضعف” العلاقات بين المنظمة الدولية وطهران.
حلول أكثر صرامة
ترى المتخصصة في المجال النووي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلويز فايت، أن هذه المبادرة يمكن أن “تضر بجهود رافاييل غروسي”. وأضافت “لكن القوى الغربية تشعر بالإحباط بسبب عدم فعالية مناوراتها الدبلوماسية وتبحث عن حلول أكثر صرامة”.
وبحسب غروسي فإن “من غير المستبعد” أن تتراجع طهران عن التزامها تجميد احتياطاتها المخصبة بنسبة 60 في المئة في حال اعتماد النص. ويمكنها أيضاً “على سبيل المثال، رفع مستوى التخصيب”، كما يرى خبير السياسة الخارجية رحمن قهرمانبور.
لكن المحلل لا يتوقع “إجراءات استراتيجية” جذرية لأن “إيران لا تريد مفاقمة التوترات” قبل عودة ترمب، مهندس ما يسمى بسياسة “الضغوط القصوى” خلال ولايته الأولى إلى البيت الأبيض.
وهي طريقة لإبقاء الباب مفتوحاً للمناقشات مع “الشخص الذي أخرج كل شيء عن مساره” عام 2018، لكنه “يحب أن يضع نفسه في منصب كبير المفاوضين”، كما تشير فايت.
نقلاً عن : اندبندنت عربية