الحوثي يتحدى “العيب الاجتماعي” باعتقال إعلامية يمنية

دانت الحكومة اليمنية استمرار ميليشيات الحوثي اختطاف الإعلامية سحر الخولاني منذ أشهر عدة جراء مطالبتها دفع رواتبها وباقي الموظفين العموميين التي ترفض الجماعة صرفها منذ أكثر من ثمانية أعوام.

واعتبرت أن ما تعرضت له الخولاني من اختطاف من منزلها في العاصمة صنعاء وإخفائها قسراً يعد نموذجاً لمأساة كثير من النساء اليمنيات في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

وقالت الحكومة المعترف بها دولياً على لسان وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني إن “استمرار ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران في إخفاء الإعلامية والناشطة المدنية سحر الخولاني قسراً منذ اقتحام منزلها واختطافها في الـ 10 من سبتمبر (أيلول) الماضي على خلفية تناولاتها للأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين، وحرمانها التواصل مع أسرتها، هو امتداد للممارسات القمعية والجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء اليمنيات منذ الانقلاب الغاشم”.

مزيد من المعتقلات

وكشف الإرياني في بيان صحافي عن أن الجماعة الحوثية “اختطفت منذ انقلابها عام 2015 آلاف النساء من منازلهن ومقار عملهن والشوارع العامة ونقاط التفتيش، واقتادتهن إلى المعتقلات السرية ولفقت لهن التهم الكيدية، ومارست بحقهن صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي والتحرش والاعتداء الجنسي، على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي، بهدف تقييد حركتهن والحد من حريتهن ومشاركتهن في الحياة العامة”.

واعتقلت الخولاني في سبتمبر الماضي من بين أحضان أطفالها الثلاثة عقب دهم منزلها من قوة حوثية جراء نشرها مقاطع فيديو انتقدت خلالها سلوك الميليشيات ورفضها ما وصفته بسياسة تكميم الأفواه والقمع والملاحقات التي تنتهجها الجماعة، كما ركزت على عدم صرف الرواتب وما سببه من تفش للجوع والفقر والمرض الذي يعانيه أطفالها وباقي اليمنيين.

وفي آخر مقطع لها قبيل اعتقالها ذكرت الخولاني التي كانت تعمل مذيعة في قناة سبأ الحكومية، أن هذا الفيديو بحوزة شخص ما، وحملته أمانة نشره حال تعرضها للاختطاف أو أي مكروه، وقالت فيه إن قيادات الحوثي هددتها قبل اختطافها إلى جانب سلسلة الضغوط الكبيرة على أهلها لمنعها  من نشر مقاطع تتحدث عن الرواتب، وانتقاد فساد قادة الميليشيات قبل أن تدهم منزلها قوة مسلحة وتعتقلها، في سلوك غير مسبوق في دورات الصراع اليمني الذي ينأى بالنساء عن الصراع ويجرم التعدي عليهن أو إهانتهن، وهو ما يسمى في العرف الاجتماعي بـ “العيب الأسود”.

وعلى رغم ذلك التجريم المجتمعي لا تزال الجماعة الحوثية تعتقل بين حين وآخر عدداً من الناشطات والحقوقيات والفنانات من بيوتهن ومقار أعمالهن، في مسعى إلى قمع أنشطتهن المدنية أو أفكارهن في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفقاً لحقوقيين.

وتقول الناشطة الحقوقية سارة اليافعي إن “الإخفاء القسري لسحر الخولاني لم يكن الأول لإعلامية وناشطة حقوقية شجاعة، ولن يكون الأخير”، مؤكدة أن الحوثيين وعلى رغم مرور شهرين على اعتقال الخولاني لم يكشفوا حتى اللحظة عن مكان اعتقالها، وهو سلوك تعسفي يمارسونه ضد نساء اليمن وكل من يعارض سياستهم أو لا يجاريهم في ما يقومون به من سلوكيات قمعية طائفية وإرهابية.

وتوضح، “سجون الحوثي تعج بنحو 2000 امرأة ممن لم يرتكبن أي ذنب سوى اعتراضهن على تسلط هذه الميليشيات أو انتقاد سلوك قادتها وعناصرها، أو قاومن ما يتعرضن له من ابتزاز و ظلم من قبل أفرادها، وكان من السهل على هذه الميليشيات تلفيق التهم لهن”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستدل اليافعي بحكم الإعدام الصادر عن المحكمة الحوثية “ضد الناشطة فاطمة العرولي بتهمه العمالة لإحدى الدول، بل انهم اخترعوا تهماً عجيبة ومضحكة لبعض العاملين في منظمات دولية، عدا سجنهم وتعذيبهم للعارضة انتصار الحمادي، ومحاولتهم تشويه سمعتها كونها رفضت أن تجند للإيقاع بخصومهم من قبلهم”.

وكشفت اليافعي أنها “شخصياً تعرضتُ للتهديد من هذه الميليشيات وكان يمكن أن تعتقلني لو لم أغادر صنعاء بعد انقلابهم بأشهر قليلة، كما وُضع اسمي بعدها في قوائم الخونة التي يضعونها بين حين وآخر تحت مسمى قوائم العار أو العمالة وغيرها من المسميات التي يحاولون أن يشوهوا بها معارضيهم، ليجدوا المبررات لاعتقالهم بعدها أو تصفيتهم عبر إصدار أحكام الإعدام بحقهم”.

ومع هذا الوضع فهي تشير إلى أن “المرأة اليمنية عموماً تتحمل الكلفة الأكبر في هذه الحرب التي لم يكن لها أي دخل فيها، ولهذا نطالب المجتمع الدولي ومكتب المبعوث الأممي بمزيد من الضغط على الحوثيين لإطلاق النساء المعتقلات وكل شخص اعتقل ظلماً من هذه الميليشيات”.

أوضاع مأسوية

الإرياني كشف أيضاً عن أن التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية متخصصة وشهادات المئات من الناجيات من معتقلات ميليشيات الحوثي تؤكد أن المختطفات يعشن أوضاعاً مأسوية وصعبة جراء ظروف الاعتقال والمعاملة المهينة والقاسية والحرمان من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة.

ودعا منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة العنف ضد النساء بالاضطلاع بدورها في التنديد بالانتهاكات الحوثية المستمرة بحق النساء اليمنيات، والتي تشكل جرائم حرب ضد الإنسانية وانتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاق القضاء على أشكال التمييز العنصري ضد المرأة كافة.

كما طالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالقيام بمسؤولياتهما القانونية والإنسانية في إدانة هذه الممارسات الإجرامية، والضغط على ميليشيات الحوثي لإجبارها على إطلاق الإعلامية سحر الخولاني من دون قيد أو شرط مع المحتجزات والمخفيات قسراً في معتقلاتها، والشروع في تصنيفها منظمة إرهابية عالمية، وملاحقة قياداتها وعناصرها المتورطين في تلك الجرائم والانتهاكات، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

رفض من الداخل
وعلى وقع الاعتقالات الحوثية التي تزامنت مع احتفالات اليمنيين بذكرى ثورة سبتمبر 1962 ضد حكم الأئمة الزيدية التي جرى إثرها اعتقال الخولاني وعدد من الناشطين السياسيين وموظفي المنظمات الدولية، حذر القيادي الحوثي محمد المقالح جماعته “من مغبة الأعمال العدوانية التي ستؤدي إلى نتائج عكسية”.

وفي منشور له عبر منصة “إكس”، أكد المقالح أن الهلع الذي تشعر به جماعة الحوثي من الاحتفالات الشعبية سيدفعها نحو اتخاذ قرارات متهورة، مشيراً إلى أن أية سلطة تخشى من احتفال شعبها بذكرى ثورته هي سلطة آيلة للسقوط، وقال “سلطة تخاف من احتفال شعبها بذكرى أهم ثوراته الشعبية ضد الاستبداد اقرأ عليها السلام”.
 

نقلاً عن : اندبندنت عربية