ترقب سياسات ترمب تجاه المجمع الصناعي العسكري الأميركي

مع اتهام جونيور ترمب، ابن الرئيس المنتخب دونالد ترمب، المجمع الصناعي العسكري الأميركي بالسعي إلى إشعال حرب عالمية قبل تولي والده السلطة في البيت الأبيض، وهو المشهد نفسه الذي فعله والده حين انتقد الرئيس المنتخب قبل شهرين المجمع الصناعي العسكري قائلاً إنه “سيطرد دعاة الحرب بعملية تنظيف ضرورية للغاية لهذا المجمع لوقف التربح من الحرب، ولوضع أميركا دائماً في المقام الأول”، فهل سيتمكن ترمب من ذلك، أم سيواجه معارضة شديدة حتى من داخل صقور الحزب الجمهوري؟

اتهامات متجددة

في أعقاب إعلان إدارة الرئيس جو بايدن عن السماح لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي باستخدام الصواريخ التكتيكية الباليستية بعيدة المدى المصنوعة في الولايات المتحدة، سارع جونيور ترمب إلى التحذير من أن الدعم الأميركي لأوكرانيا يمثل محاولة من جانب إدارة بايدن لبدء صراع كبير قبل تولي والده الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 2025، قائلاً في تغريدة على منصة “إكس”، إن “المجمع الصناعي العسكري يريد تأمين الفوز بتريليونات الدولارات والتأكد من بدء الحرب العالمية الثالثة قبل أن تتاح لوالدي فرصة خلق السلام وإنقاذ الأرواح”.

ولم يكن هذا الانتقاد العنيف للمجمع الصناعي العسكري الأميركي جديداً أو غريباً فقبل شهرين وخلال حملته الانتخابية في ولاية وسكنسن، أثار ترمب دهشة عديد من المراقبين حين وجه اتهاماً لاذعاً للمجمع الصناعي العسكري، قائلاً إنه سيطرد دعاة الحرب الذين يريدون الذهاب إلى الحروب طوال الوقت لأن الصواريخ تكلف مليوني دولار لكل منها وهم يحبون إسقاط الصواريخ في كل مكان، مشيراً إلى أنه لم يخض أي حروب وسوف ينهيها.

وحتى قبل أن ينهي ترمب ولايته الرئاسية الأولى وفي خضم حملته الانتخابية الثانية لعام 2020، وجه سهام انتقاداته إلى القادة في “البنتاغون” قائلاً إنهم لا يريدون أن يفعلوا شيئاً سوى خوض الحروب حتى تظل كل تلك الشركات الرائعة التي تصنع القنابل والطائرات وكل شيء آخر سعيدة، وهو ما جعل مؤيديه يقارنون تعليقاته بتلك التي أدلى بها الرئيس السابق دوايت أيزنهاور الذي أنهى فترة ولايته بالتحذير من جهاز الأمن القومي الدائم الذي يضمن استمرار تدفق الأموال نحو شركات تصنيع السلاح الأميركية.

أسباب التصعيد

بدت تصريحات جونيور ترمب ومن قبلها تهديدات والده للتأكيد على أن الرئيس المنتخب لا يزال يناضل من أجل السلام، وأنه على استعداد لمواجهة المصالح الخاصة التي تجسدها شركات صناعة السلاح العملاقة في أميركا التي شوهت سياسة الولايات المتحدة الخارجية وجعلت الحرب أكثر احتمالاً.

ويعيد هذا المشهد صورة حملته لعام 2016 التي خاضها ترمب على فكرة صحيحة أن حرب العراق كانت كارثة، وانتقد جماعات الضغط التي تعمل لمصلحة شركات الأسلحة لتحقيق مصالحها الذاتية.

لكن في حين أن هناك فرصة ضئيلة للغاية أمام ترمب كي يتصرف بناء على خطابه الصارم، فإن حقيقة وصفه صناع الأسلحة وحلفائهم بمثل هذه المصطلحات، تشير إلى التيار الشعبوي العريض المناهض للتدخل الأميركي الخارجي داخل قاعدته السياسية، ومع ذلك ظل ترمب صامتاً بعد فوزه الكبير بالانتخابات الرئاسية وترك مهمة توجيه الانتقاد إلى نجله.

ولكي تتضح حقيقة جدية ترمب في الإطاحة بمحرضي الحرب والمستفيدين منها وما إذا كانت مسألة تلاعب سياسي أكثر من كونها دليلاً على السياسة المستقبلية، فإن نظرة على سجل ترمب وتصرفاته خلال ولايته الرئاسية الأولى من شأنها أن تقدم إجابة واضحة عما يحمله المستقبل.

سجل ولايته الأولى

يشير سجل الرئيس المنتخب إلى أن ولايته الأولى في البيت الأبيض أظهرت أنه من أكبر الداعمين لشركات صناعة السلاح الأميركية، إذ جعل شراء المعدات العسكرية وعرضها علناً وبيعها في الخارج أولوية كبرى لإدارته، وأشرف منذ توليه الرئاسة على زيادات تاريخية في ميزانيات وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، وكان فخوراً بعرض الطائرات المتطورة في سماء واشنطن، بل وفوق البيت الأبيض، كما عين عدداً من المطلعين على صناعة الدفاع في مناصب عليا في البنتاغون.

وخلال أعوام حكمه الأربع الأولى، اختار ترمب ثلاثة وزراء دفاع كانت لهم علاقات وطيدة بشركات صناعة الدفاع، إذ كان جيم ماتيس عضواً في مجلس إدارة “جنرال ديناميكس” وعاد إليها بعد مغادرته “البنتاغون”، كما كان بات شاناهان مسؤولاً تنفيذياً في شركة “بوينغ”، ومارك إسبر كبير مسؤولي الضغط في شركة “رايثيون”، مما يشير إلى الباب الدوار بين شركات صناعة السلاح ووزارة الدفاع، وهو أمر ليس بالمستغرب في واشنطن، فوفقاً لتحليل أجراه مشروع الرقابة الحكومية، يرتبط ما يقرب من نصف كبار المسؤولين في وزارة الدفاع بشركات المجمع الصناعي العسكري أو ما يسمى “المقاولون العسكريون”.

 

 

ودافع ترمب عن ثلاث ميزانيات دفاعية تجاوزت 700 مليار دولار، واعتبرت أكبر ميزانيات شهدها “البنتاغون” على الإطلاق حينذاك، كما وافق على مبيعات أسلحة أجنبية تزيد قيمتها على 55.6 مليار دولار في السنة المالية 2018، وهي أول سنة مالية كاملة له في منصبه، مقارنة بمبيعات عسكرية أجنبية بقيمة 33.6 مليار دولار في السنة المالية 2016، وهي السنة الأخيرة لإدارة أوباما.

تبرير تغيير الموقف

تحدث ترمب خلال ولايته الأولى بانتظام أمام المعدات العسكرية، مستخدماً الطائرات المقاتلة والسفن والمركبات القتالية كخلفيات، حيث كانت طائرة “أف-35” جزءاً أساسياً من خطاباته، وروج بصورة روتينية لمبيعات الأسلحة عند لقائه زعماء أجانب، ولهذا لا يتوقع المطلعون على شركات صناعة السلاح أي تغيير في سياسة ترمب المستقبلية الداعمة لهم، على رغم أنه سوف يسعى إلى وقف الحرب في أوكرانيا وغزة ولبنان. 

واستند ترمب في تبرير تغيير موقفه إلى أن شركات الولايات المتحدة الدفاعية ستخسر أعمالها، وسيفقد العمال الأميركيون وظائفهم، حتى إنه بالغ بصورة كبيرة في تقدير عدد الوظائف المرتبطة بمبيعات الأسلحة التي أبرمها لتحقيق أقصى قيمة للعلاقات العامة، وتوج ذلك بالإعلان عن أرقام عن عدد الوظائف التي خلقتها المبيعات في الولايات الرئيسة.

ويشير كبير الباحثين في معهد كوينسي للحكم ويليام هارتونغ إلى عام 2024، حين أقام فريق ترمب – فانس علاقات وثيقة مع العسكريين من العصر الجديد في وادي السيليكون الذين تبرع بعضهم لحملة ترمب مثل بيتر ثيل، مما يثير مخاوف البعض من تأثير ونفوذ قادة فرع وادي السيليكون الناشئ من المجمع الصناعي العسكري الذين يتحدثون في خطابهم باستمرار حول كيفية قيام الولايات المتحدة بتطوير قدرتها على هزيمة الصين في صراع عسكري محتمل، زاعمين أن الأسلحة التي يصنعونها هي المفتاح لاستعادة الهيمنة العالمية للولايات المتحدة.

المجمع العسكري يفوز دائماً

يرتبط الاقتصاد الأميركي بالمجمع الصناعي العسكري أكثر مما يدرك غالبية الأميركيين، ولهذا يتفق المرشحون الجمهوريون والديمقراطيون على المستوى الرئاسي والتشريعي في الكونغرس على ضرورة استمرار امتلاك الولايات المتحدة على أقوى قوة قتالية وأكثرها فتكاً في العالم، وبينما توجد اختلافات صارخة بين المرشحين حول عديد من القضايا المحلية، إلا أن الشيء الوحيد غير المختلف عليه، الذي يضمن فوز المجمع الصناعي العسكري في كل انتخابات، هو استمرار دولة الحرب الأميركية.

ويأتي مصطلح دولة الحرب الأميركية من القدرة القتالية المتأهبة للحرب دوماً إذ ينتشر الجيش الأميركي على مساحة الكرة الأرضية عبر 750 قاعدة عسكرية أجنبية في 80 دولة على الأقل، بينما تدور الأقمار الاصطناعية التجسسية حول العالم على مدار 24 ساعة، ويمكن للولايات المتحدة إطلاق أكثر من 1700 رأس نووي في غضون دقائق من البر والجو والبحر، في حين تجوب 11 مجموعة حاملة طائرات بدوريات في أعالي البحار ويمكنها أن تتنبأ بأي تهديد للقوة النارية الأميركية التقليدية في أي ركن من أركان العالم.

ثمن باهظ

لكن كل هذه القوة المميتة تأتي بثمن باهظ للغاية، وخصوصاً بالنسبة لدافعي الضرائب الذين يتعين عليهم دفع الفاتورة هذه القوة العسكرية الهائلة، فقد بلغت الميزانية العسكرية السنوية 820 مليار دولار في عام 2023 من دون احتساب الإنفاق التكميلي على الحروب في أوكرانيا وغزة.

ومن المرجح أن تتجاوز الميزانية الدفاعية الأميركية تريليون دولار مع الإدارة المقبلة، وإذا أضيفت إلى ذلك الفائدة التي يتم دفعها على الديون السابقة المتكبدة من خلال الإنفاق العسكري، إضافة إلى ميزانيات وكالات الأمن القومي الأميركية الأخرى مثل برنامج الاستخبارات الوطنية (71.7 مليار دولار في عام 2023) وبرنامج الاستخبارات العسكرية (27.9 مليار دولار في عام 2023)، التي تمول معاً وكالة الاستخبارات المركزية، فإن الفاتورة السنوية ترتفع إلى مستويات أعلى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبصورة عامة، تقدر رابطة مقاومي الحرب أن 45 في المئة من ضرائب الدخل الأميركية تذهب لدفع النفقات العسكرية الحالية والماضية، وبالنسبة للعامل الذي يتم فرض ضريبة عليه بمعدل سنوي 22 في المئة على 50 ألف دولار من الدخل السنوي الخاضع للضريبة، فإن 4950 دولاراً من إجمالي 11 ألف دولار من ضرائب الدخل تذهب إلى النفقات المتعلقة بالجيش.

وهذا بدوره هو ما يجعل الولايات المتحدة قادرة على الاستحواذ على 40 في المئة من الإنفاق العسكري السنوي في العالم ولديها ميزانية عسكرية أكبر من الدول التسع التالية مجتمعة وهي، الصين وروسيا والهند والسعودية، وكذلك المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، إضافة إلى أوكرانيا واليابان، وفقاً لمؤسسة “بيترسون”.

مسار محتوم

وعلى رغم أن خفض الإنفاق العسكري بنسبة 20 في المئة يمكن أن يوظف 500 ألف ممرضة (64 مليار دولار) و500 ألف معلم في المدارس الابتدائية (51 مليار دولار) وإنشاء 4 ملايين مكان لرعاية الأطفال (51 مليار دولار) ودفع تكاليف ملايين المنح الدراسية في الكليات العامة، وإنشاء ملايين الوحدات السكنية العامة، إلا أن هذه الخيارات البديلة، لا تغير من المسار المحتوم والمرسوم جيداً الذي تسلكه جميع الإدارات الحاكمة في البيت الأبيض والكونغرس، حتى ولو كانت أوهام القادة بالقدرة العسكرية المطلقة في فيتنام والعراق وأفغانستان تنتهي غالباً إلى كوارث.

ويعود هذا المسار المحتوم إلى اعتبارات عدة لدى أطراف مختلفة، وعلى سبيل المثال، بالنسبة للجنرالات فإن مزيداً من الحرب يعني مزيداً من القيادات القتالية، ومزيداً من فرص الترقي، ومزيداً من الأوسمة فضلاً عن فرصة اختبار أحدث أسلحتهم وتكتيكاتهم العسكرية ميدانياً، بالنسبة للمجمع الصناعي العسكري أو ما يسمى “المقاولون العسكريون” فإن الحروب تعني مزيداً من الأعمال ومزيداً من الأرباح.

وبالنسبة للمسؤولين المنتخبين فإن الحروب تعني مزيداً من التبرعات للحملات الانتخابية التي يتعين عليهم جمعها من شركات تصنيع الأسلحة، أما بالنسبة لوسائل الإعلام فإن الحرب تشكل مصدراً عظيماً لمزيد من المشاهدات والمتابعات والنقرات والتقييمات على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم ضخ مزيد من الإعلانات ومزيد من الأرباح.

فوائد للجميع

وإضافة إلى ذلك فإن الإنفاق العسكري يحفز الإبداع التكنولوجي، وهو أيضاً مصدر مهم للوظائف، وقاعدة ضريبية متوسعة للاقتصادات المحلية، وخصوصاً في المناطق الريفية الأكثر فقراً في الولايات المتحدة، ذلك أن كثيراً من شركات تصنيع الأسلحة تحصل على عقود تصنيع أجزاء من الآلات العسكرية المعقدة في أكبر عدد ممكن من الولايات والدوائر الانتخابية، وعلى سبيل المثال تعد مدينة وودستوك بولاية نيويورك، مدينة اشتهرت منذ ستينيات القرن الماضي بالسلام والحب والموسيقى والمثالية، لكن أكبر صاحب عمل محلي هو “أميتيك روترون”، وهي شركة مقاولات جوية وعسكرية تصنع المراوح الضرورية لتشغيل طائرات “أف-16” المقاتلة وطائرات “بريداتور” المسيرة، وهناك قوبلت دعوات نشطاء السلام المحليين للشركة بالتحول إلى الاستخدام المدني بالكامل بالرفض على مدى عدة أعوام.

وعلى بعد 200 ميل (321.9 كيلومتر) إلى الشمال من وودستوك، تتمركز 20 طائرة مقاتلة من طراز “أف-35 لايتنينغ 2” في قاعدة الحرس الوطني الجوي في ولاية فيرمونت بمطار بيرلينغتون، ويحظى هذا الانتشار بدعم الزعماء السياسيين في الولاية بما في ذلك السيناتور بيرني ساندرز، الذي ينتقد بصورة متكررة الميزانيات العسكرية المتضخمة، والسبب وراء هذا الترحيب وفقاً لدائرة التنمية الاقتصادية في ولاية فيرمونت، يعود إلى أن طائرة “أف-35” مسؤولة عن 1610 وظائف مباشرة وغير مباشرة في الولاية، وضخ 222 مليون دولار في النشاط الاقتصادي، وتساعد في نمو صناعة الطيران والفضاء في الولاية.

 

 

إن التفوق العالمي للولايات المتحدة يساعد بنوكها وشركاتها على استخراج مزيد من الأرباح من بقية العالم، وخصوصاً الجنوب العالمي، ومن بين الفوائد الكبرى التي يجنيها أصحاب الواحد في المئة من نخبة المجتمع زيادة مكاسب المديرين التنفيذيين، وتوزيع أرباح الأسهم ربع السنوية، وإعادة شراء الأسهم للمستثمرين الكبار، كما يستفيد الأميركيون العاديون الذين لديهم خطط معاشات تقاعدية، واستثمارات صناديق الاستثمار المشترك، عبر تحصيل فوائد متراكمة من ارتفاع أرباح الشركات، وينطبق نفس الشيء على العمال الأميركيين الذين تغذي الصادرات الأميركية وظائفهم، وخصوصاً إذا كان لديهم نقابة تساعدهم على الفوز بحصة أكبر من الكعكة.

دبلوماسية الزوارق الحربية

في عام 1853 أبحر العميد البحري الأميركي ماثيو بيري بسرب من السفن البحرية الأميركية إلى خليج طوكيو مطالباً اليابان تحت تهديد السلاح بفتح علاقات تجارية مع الولايات المتحدة، وسارع اليابانيون الذين عزلوا مجتمعهم عن النفوذ الخارجي لقرون إلى الموافقة على ذلك.

وبينما نادراً ما تكون “دبلوماسية الزوارق الحربية” في العصر الحديث واضحة إلى هذا الحد، فإن قدرة الولايات المتحدة على فرض قوتها العسكرية في مختلف أنحاء العالم تدعم قوتها الاقتصادية العالمية، بما في ذلك قدرتها على الوصول إلى الموارد الطبيعية، واختراق الأسواق الجديدة والسيطرة عليها، وإخضاع الحكومات لإرادتها، ويمكن أيضاً استخدام كل هذه القوة النارية لجعل الدول التي لا تتقيد بالخط الأحمر مثالاً يحتذى به، ولهذا لا تستطيع الولايات المتحدة أن تزدهر من دون قبضة خفية.

القبضة الخفية

وكما كتب توماس فريدمان في صحيفة “نيويورك تايمز” ذات يوم فإن اليد الخفية للسوق لن تعمل أبداً من دون قبضة خفية، ولا يمكن لـ”ماكدونالدز” أن تزدهر من دون “ماكدونيل دوغلاس” الشركة المصنعة لطائرة “أف-15″، وتشير القبضة الخفية التي تحافظ على العالم آمناً لتكنولوجيات وادي السليكون على الجيش الأميركي والقوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية.

وفي حين يحب الزعماء الأميركيون تصوير الولايات المتحدة على أنها تحافظ على النظام في عالم غير منضبط، إلا أن الخط الفاصل بين شرطي العالم الذي يتجول في الشوارع وزعيم المافيا الذي يوفر الحماية للدول الأضعف يصعب أحياناً رؤيته.

ومع ذلك، فإن كلفة المعيشة في دولة حربية عازمة على الهيمنة العالمية الدائمة تأتي بكلف باهظة، فهناك الخسائر البشرية للجنود المقاتلين الذين يقعون في المسار المباشر للحرب، فضلاً عن الجنود المصابين جسدياً أو نفسياً الذين يعودون إلى ديارهم مسكونين بما رأوه وفعلوه، وهناك أيضاً الكلفة الهائلة المتمثلة في تحويل كل الثروة إلى الإنفاق العسكري بينما كان يمكن إنفاقها على تلبية الاحتياجات الإنسانية أو على الخصومات المقدمة لدافعي الضرائب من الطبقة العاملة الذين عانوا من التضخم في الأعوام الأخيرة والذين قد يحتاجون إلى بعض النقود الإضافية في جيوبهم.

نقلاً عن : اندبندنت عربية