لماذا عجز الموازنة السعودية “اختياري” حتى الآن؟

أقر مجلس الوزراء السعودي أمس الثلاثاء موازنة البلاد لعام 2025 وسط عجز متحفظ قدره 101 مليار ريال (26.93 مليار دولار)، على رغم تحسن أداء الاقتصاد غير النفطي، الذي حافظ بصورة أفضل على أداء القطاع المالي في البلاد، وأخرجه من دائرة الارتهان الكلي لتقلبات النفط.

وفي سياق الحديث عن ذلك العجز يرى الخبير الاقتصادي إحسان بوحليقة أنه يأتي كأداة اقتصادية لردم الفجوة بين الإيرادات والمصروفات، مؤكداً أن هذا النهج ليس غريباً على الدول التي تسعى إلى تحقيق التوازن المالي.

وأشار بوحليقة في في مداخلة صوتية مع “اندبدنت عربية” إلى أن العجز المقدر للموازنة السعودية يمثل إن جاز التعبير “عجزاً اختيارياً”، إذ إن السعودية تمتلك احتياطات كبيرة تغطي أضعاف قيمة العجز، ولكن الاستراتيجية الحالية تركز على تحقيق استدامة مالية بمنظور متوسط المدى. 

وقال إن “بيان الموازنة يعطي وضوحاً لرؤية الوضع المالي حتى عام 2027، بما في ذلك العجز والاقتراض ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، منوهاً بأن “العجز هنا لا يعني أزمة مالية، بل العكس، فالسعودية تمتلك ما يعرف بـ’الفسحة المالية‘، مما يتيح لها الاقتراض بكلفة منخفضة وبثقة كبيرة في الأسواق العالمية”. 

مستوى العجز

وأوضح بوحليقة أن هناك حرصاً للحفاظ على العجز في حدود منخفضة، والدليل على ذلك أنه لا يزال العجز في الموازنة السعودية أقل من ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى متقدم مقارنة بمتوسط 7.5 في المئة في اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، التي تعد من بين الاقتصادات الأكثر نشاطاً على مستوى العالم، ومن أبرزها أميركا وبريطانيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي إطار الحديث عن الاستراتيجية المالية، أشار بوحليقة إلى أنه منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، اتخذت قرارات تهدف إلى إعادة هيكلة الخزانة العامة للدولة.

لفت الاقتصادي السعودي  كذلك إلى أن “التركيز الآن ينصب على الإنفاق لتحقيق برامج ومشاريع طموحات الرؤية، بعيداً من الاعتماد المفرط على إيرادات النفط المتقلبة، ولهذا يمول العجز جزئياً من الإيرادات النفطية وغير النفطية، إضافة إلى الاقتراض والاستدانة”، مضيفاً أن الرياض تولي اهتماماً كبيراً لإدارة الدين العام، إذ يتميز هيكل الدين العام بتوازن بين الاقتراض المحلي والخارجي.

سداد الدين

وأشار إلى أن السعودية أظهرت التزاماً واضحاً بسداد الدين، إذ سجل زخم كبير في السداد خلال الأعوام الأخيرة، مذكراً بأنه “في عام 2021 بلغ السداد نحو 73 مليار ريال (19.4 مليار دولار)، وفي العام الذي يليه 2022، حافظ السداد على المستوى نفسه، أما في 2023 فارتفع السداد إلى 129 مليار ريال (34.3 مليار دولار) ، وفي هذا العام 2024 من المتوقع أن يتجاوز 80 ملياراً (21.3 مليار دولار)”.

وقال الخبير الاقتصادي إن “ثلثي الدين العام محلي، والثلث الآخر خارجي، مع الحفاظ على سقف الدين عند 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى رغم التوقعات بزيادة النسبة إلى ما يزيد قليلاً على 32 في المئة بحلول عام 2026، فإن هذه النسبة تعد منخفضة مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي بلغ متوسط نسبة الدين العام فيها 121 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021”. 

واختتم بوحليقة حديثه قائلاً “الاستدامة المالية أصبحت ركيزة أساسية في السياسة الاقتصادية للسعودية، والآن مع وجود رؤية واضحة للمدى المتوسط، يمول العجز بسهولة عبر الاقتراض المدروس، بما يضمن استمرار تنفيذ برامج ومشاريع رؤية 2030 بعيداً من تقلبات أسعار النفط، وهذا الاستقرار المالي يمنح الرياض مرونة كبيرة لتحقيق أهدافها التنموية”. 

Listen to “لماذا عجز الموازنة السعودية “اختياري” حتى الآن؟” on Spreaker.

نقلاً عن : اندبندنت عربية