تدرس برلين استخدام المرافق التي أعدت في رواندا من أجل ترحيل المهاجرين البريطانيين إليها وفق خطة حكومة لندن السابقة. وقال مفوض الهجرة في ألمانيا يواكيم ستامب إن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يستخدم أماكن اللجوء الحالية في الدولة الواقعة شرق أفريقيا للغرض ذاته الذي طورتها لأجله حكومة كيجالي.

وتعيش ألمانيا ضغوطاً داخلية كبيرة في ملف اللاجئين، بخاصة مع تمدد نفوذ أحزاب اليمين المعارض للهجرة في مناطق مختلفة على امتداد الدولة. وبحسب الصحافي المتخصص في الشأن الألماني لؤي غبرة بات يمكن لحكومة برلين الحالية تجاوز كل الخطوط الحمر في هذا الملف الذي يقتات عليه الشعبويون في البلاد.

ويلفت غبرة في حديث مع “اندبندنت عربية” إلى أن خيار ترحيل المهاجرين إلى حين البت في طلبات لجوئهم، سواء إلى رواندا أو غيرها، لم يعد أمراً مستبعداً بالنسبة إلى حكومة المستشار أولاف شولتز، بخاصة بعد ذلك النصر التاريخي الذي سجله حزب البديل لأجل ألمانيا في انتخابات الأقاليم قبل أيام قليلة فحسب.

وأصبح “البديل من أجل ألمانيا” أول حزب يميني متطرف يفوز في الانتخابات الإقليمية منذ العصر النازي، فحل أولاً في ولاية تورينجيا الشرقية بنسبة 32.8 في المئة من الأصوات، وثانياً في ساكسونيا بـ30.6 في المئة، وهما منطقتان كانتا جزءاً من ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقاً قبل إعادة توحيد البلاد عام 1990.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رفضت حكومة لندن التعليق على التقارير في شأن تنسيق برلين وكيجالي بوصفها “مناقشات بين حكومتين أجنبيتين”، لكن المرشح لقيادة حزب المحافظين ووزير الهجرة السابق روبرت جينريك قال إن “الأمر أشبه بمهزلة حقيقية، إذ إن بريطانيا هي من جاء بخطة رواندا التي حظيت بإعجاب دول عديدة حول العالم منها ألمانيا، ثم تخلت عنها الحكومة العمالية الجديدة بقيادة كير ستارمر بعد وصولها إلى السلطة”.

ويبدو أن حكومة لندن الجديدة تعاني أزمة في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين القادمين عبر القنال الإنجليزي، مما استدعى عقد قمة تجمع وزراء عدة على رأسهم وزيرة الداخلية مع القيادات الأمنية في البلاد للنظر في خيارات احتواء الأمر والتصدي لعصابات تهريب البشر التي ترى فيها حكومة العمال أصل المشكلة.

وتعقد القمة مساء اليوم الجمعة بعد غرق 12 مهاجراً في القنال الإنجليزي الثلاثاء الماضي، وهو ما ألقت الحكومة البريطانية اللوم فيه على تجار البشر الذين “يحشرون 90 شخصاً في قارب مطاطي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 40 راكباً ويرسلونهم إلى شواطئ بريطانيا تحت أي ظروف جوية وبلا اكتراث لحياتهم”.

وزيرة الداخلية إيفت كوبر استبقت القمة الأمنية بالقول إن “استغلال الضعفاء هو ما تقوم به عصابات تهريب البشر” ولكن المحامية المتخصصة في شؤون الهجرة سالي ديفيز ترى في حديث مع “اندبندنت عربية” أن فشل التعاون بين لندن وباريس في هذا الملف يقود إلى وقوع هذه الحوادث المأسوية بين فترة وأخرى.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن أكثر من 21 ألف مهاجر غير شرعي عبروا القنال الإنجليزي خلال الأشهر التسعة الماضية من عام 2024، وهذا يزيد قليلاً على الأرقام الواردة في الفترة ذاتها من العام الذي سبقه، ولكنه يبقى أقل من معدلات 2022 التي وصل فيها أكثر من 25 ألف لاجئ عبر البحر خلال تسعة أشهر.

من وجهة نظر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين “تستوجب أزمة المهاجرين عبر بحر القنال الإنجليزي إبرام معاهدة هجرة جديدة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة”، ولكن هل يمكن إقناع جميع دول التكتل بهذا وبينها من يراه مكافأة لبريطانيا بعد “بريكست”، ثم ماذا يمكن أن تقدم لندن لبروكسل كمقابل للاتفاق؟

المقترح فرنسي يتضمن إلزام المملكة المتحدة بتسلم طلبات اللجوء من المهاجرين المقيمين في أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وهنا قد تجد بريطانيا نفسها أمام استحقاق تقاسم اللاجئين مع دول الاتحاد، وتواجه حكومة لندن غضب مؤيدي “بريكست” الذين يتهمونها بالسعي نحو العودة إلى العضوية الأوروبية.

نقلاً عن : اندبندنت عربية